لأنّ (١) وجوب الوفاء بالعقد تكليف يتوجّه إلى العاقدين ، كوجوب الوفاء بالعهد
______________________________________________________
(١) تعليل لعدم إمضاء الشارع إجازة المالك على هذا الوجه ، ومحصله : أنّ فعلية كل حكم منوطة بوجود موضوعه ، ومن المعلوم أنّ وجوب الوفاء بالعقد حكم تكليفي منوط بوجود موضوعه وهو العاقد. ولا ريب في أنّ المالك الأصيل لا يصير عاقدا ـ حتى يشمله عموم وجوب الوفاء بالعقود ـ إلّا بعد أن يجيز عقد الفضولي ، إذ الإجازة توجب إضافة العقد إليه ، وصحة حمل «العاقد» عليه ، وتوجّه وجوب الوفاء بالعقد إليه ، وانتزاع الملك الشرعي من هذا الحكم الشرعي وهو وجوب الوفاء.
وبالجملة : فالملكية الشرعية الفعلية مترتبة على الحكم التكليفي أعني به وجوب الوفاء الذي موضوعه العاقد الذي هو صفة المالك بالإجازة. وهذه السلسلة المترتبة تقضي بتوقف الملكية الفعلية الشرعية على الإجازة. وعليه فلا ملكية قبل الإجازة حتى تكون الإجازة كاشفة عن تحققها بالعقد حين صدوره من الفضولي.
__________________
المفروض وجود المعلول بمجرد وجود علّته ، وعدم إمكان إهمال المعلول وهو الملكية الإنشائية. وحيث إنّ هذه الملكية هي الملكية المرضية للمالك الممضاة شرعا فلا مانع من اعتبار الملكية الشرعية أيضا من حين حدوث العقد.
ولا غرو في كون الاعتبار متأخّرا والمعتبر متقدّما ، فإنّ الأمر الاعتباري الذي لا وعاء له إلّا عالم الاعتبار يوجد في وعائه بنفس الاعتبار. فقد يكون زمان الاعتبار والمعتبر ومتعلقة متّحدا كوجوب الصلاة عند الدلوك ، فإنّ زمان الاعتبار والمعتبر ـ وهو الحكم ـ وزمان المتعلق وهو الصلاة واحد ، لكون زمان جميعها ـ وهو الزمان المتخلل بين الزوال والغروب ـ متحدا.
وقد يكون زمان الاعتبار متقدما وزمان المعتبر متأخرا ، كالوصية ، فإنّ الموصى يعتبر فعلا مالكية الموصى له للمال بعد موته ، فالإعتبار قبل الموت فعلي ، والمعتبر وهو الملكية تعليقي ، ولا يصير فعليّا إلّا بعد الموت.
والفرق بين الوصية والواجب التعليقي هو : أن المعتبر ـ وهو الوجوب في الواجب التعليقي ـ فعليّ ، ومتعلّقه أمر متأخر استقبالي ، ولذا يجب تحصيل مقدمات الواجب