وكما في الريح العاصف الموجب للإحراق (١) ، والشمس (٢) الموجبة لإذابة الدهن وإراقتها.
والمتّجه في مثل ذلك (٣) عدم الرجوع إلى المباشر أصلا (٤) كما نسب إلى ظاهر الأصحاب في المكره ، لكون المباشر بمنزلة الآلة (٥). وأمّا في غير ذلك (٦)
______________________________________________________
وإن كان صادرا منه باختياره ، لكن الإكراه يوجب استناده الى المكره ، لقوته ، لا إلى المكره لضعفه.
(١) كما إذا أجّج النار في جهة هبوب الريح العاصف ، فأطارتها الريح إلى دور الجيران ، فأحرقت بعض أموالهم ، فإنّ الإحراق وإن كان فعل النار ، لكنّه يسند إلى المؤجّج الذي هو السبب.
(٢) يعني : وكالشمس ، كما إذا وضع شخص الدّهن الجامد ـ الذي هو مملوك لغيره ـ في الشمس ، فذاب وأريق ، كما إذا كان الدهن الجامد في الظرف المثقوب ، فأذابته الشمس وإراقته. فإنّ الإذابة والإراقة وإن كانتا فعل الشمس ، لكنّهما تسندان إلى واضع الدهن في الشمس. وهذه الأمثلة من صغريات قوّة السبب على المباشر ، بحيث لا يعدّ الفعل من أفعال المباشر ، بل يعدّ من أفعال السبب.
(٣) ممّا يعدّ الفعل من أفعال المباشر دون السبب.
(٤) لعدم كون الفعل مسندا إلى المباشر حتى يكون عليه ضمان.
(٥) في عدم الإرادة والاختيار كالسّكين ، فإنّه وإن كان قاطعا ، لكنّه لمّا كان بغير إرادة وشعور لم يستند الفعل إليه.
والناسب إلى ظاهر الأصحاب صاحب الجواهر في شرح قول المحقق قدسسره : «ولا يضمن المكره المال وإن باشر الإتلاف. والضمان على من أكرهه ، لأنّ المباشرة ضعفت مع الإكراه ، فكان ذو السبب هنا أقوى» (١) فراجع.
(٦) يعني : في غير موارد استناد التلف إلى السبب ، واستناده إلى المباشر مثل ما نحن فيه أي القسم الثاني ، وهو أن تكون الغرامة في مقابل ما استوفاه المشتري بإرادته من منافع المبيع فضولا ، كسكنى الدار وركوب الدابة والسيّارة مثلا ، فضمان البائع ـ الذي هو سبب لوقوع المشتري في ما اغترمه للمالك ـ لتلك الغرامات محتاج إلى دليل
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٣٧ ، ص ٥٧ ، شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٢٣٧.