فالضمان (١) أو قرار الضمان (٢) فيه (٣) يحتاج إلى دليل مفقود (٤). فلا بدّ (٥) من الرجوع بالأخرة إلى قاعدة الضرر ، أو الإجماع المدّعى في الإيضاح على تقديم السبب إذا كان أقوى ،
______________________________________________________
مفقود هنا ، إذ لا دليل على ضمان السبب الذي لا يستند التلف عرفا إليه.
(١) أي : بأن يكون البائع هو الضامن دون المشتري المغرور ، فلا يصح رجوع المالك إلى المغرور أصلا.
(٢) بأن تكون ذمة كلّ من الغارّ والمغرور مشغولة للمالك ، لكن الضمان مستقرّ على الغارّ ، فيجوز للمالك الرجوع إلى المغرور ، فيرجع هو على الغارّ.
(٣) أي : في السبب الذي ليس بمتلف ، كالبائع ، فإنّ تلف المنافع مستند إلى المشتري الذي استوفاها مختارا ومن غير إكراه.
(٤) إذ المفروض عدم كون السبب ـ الذي لا يستند إليه التلف ـ موجبا للضمان.
(٥) هذه نتيجة قوله : «فالضمان» الذي هو جواب «أمّا» وحاصله : أنّه بعد فقد الدليل الخاصّ على ضمان البائع الغارّ ـ الذي هو السبب لتلف المنافع ، لكنّ سببيّته لتلفها ليس بمثابة يستند التلف إليه كما فيما نحن فيه ، وهو القسم الثاني ـ فلا بدّ في إثبات ضمان السبب وهو البائع مع عدم استناد التلف إليه عرفا من التمسك بأحد الأمور الأربعة :
أحدها : قاعدة الضرر.
ثانيها : الإجماع المدّعى في الإيضاح على تقدّم السبب إذا كان أقوى. قال فخر المحققين فيه ـ فيما لو اشترى دارا أو أرضا من غاصب ، وبنى فيه ، فقلع المالك بناءه ، وأنّ الأقرب رجوع المشتري على البائع ـ ما لفظه : «وجه القرب : أنّ البائع سبب ، والمشتري ذو يد كالمباشر ، والسبب هنا أقوى من المباشر. وكلّما كان السبب أقوى من المباشر فالضمان على السبب. أمّا الأولى فلأنّه إنّما شرع في العقد والتصرفات بظنّ السلامة ، وسبب هذا الظن تغرير البائع إياه ، فصار هذا السبب أقوى. وأما الثانية فإجماعية» (١).
وليس مراده بقوّة السبب قوّته الخاصة التي يستند الفعل إلى السبب دون المباشر ، بل مراده بقرينة تطبيقه على الغرور هو الأعم ، يعني سواء أكان استناد الفعل إلى السبب
__________________
(١) إيضاح الفوائد ، ج ٢ ، ص ١٩١.