.................................................................................................
______________________________________________________
أقوى من استناده إلى المباشر كما في المكره ، أم كان استناده إلى كلّ منهما على السواء ، بل يصدق حتى مع قوة استناده إلى المباشر وضعف استناده إلى السبب كما في المغرور ، لكونه مختارا في فعله. ولكن الوجه في ضمان البائع الغارّ هو الدليل التعبدي أعني به الإجماع ، حيث يكفي في صدق التسبيب اعتماد المغرور على ظنّ سلامة المبيع له ليتصرف فيه.
ثالثها : الأخبار المتفرقة ، والظاهر أنّ مقصوده منها ما ورد في التدليس في النكاح ممّا يشتمل على التعليل. ويمكن أن يريد أيضا مثل خبري زرارة وجميل المتقدمين في الجارية المسروقة.
فممّا ورد في النكاح ، خبر إسماعيل بن جابر ، قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته ، فسأل عنها ، فقيل : هي ابنة فلان ، فأتى أباها ، فقال : زوّجني ابنتك ، فزوّجه غيرها ، فولدت منه. فعلم بها بعد أنّها غير ابنته ، وأنّها أمة. قال : تردّ الوليدة على مواليها ، والولد للرجل ، وعلى الّذي زوّجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة ، كما غرّ الرجل وخدعه» (١).
فإن قوله عليهالسلام : «كما غرّ الرجل وخدعه» ظاهر ـ بل صريح ـ في عليّة الغرور لكون الأب المزوّج ضامنا لقيمة الولد. ومقتضى التعليل الحكم بضمان الغارّ في غير الولد ممّا يكون في باب النكاح كالمهر ، وكذا في غير النكاح كالمقام.
واحتمال اختصاص الرجوع على الغارّ بمورد الرواية ـ وهو ضمان قيمة الولد ـ غير ظاهر ، لما تقرّر من عدم الفرق في التعدي عن مورد التعليل بين أن يقال : «لا تشرب الخمر ، لإسكاره» أو «لأنه مسكر» لعدم اقتضاء الإضافة في التعبير الأوّل دوران الحرمة مدار إسكار الخمر خاصة ، بل يؤخذ بعموم العلّة في سائر الموارد.
وكذا يستفاد الحكم ممّا رواه رفاعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : «وسألته عن البرصاء. فقال : قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في امرأة زوّجها وليّها وهي برصاء : أنّ المهر لها بما استحلّ من فرجها ، وأنّ المهر على الذي زوّجها. وإنّما صار عليه المهر لأنّه دلّسها» الحديث (٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٦٠٢ ، الباب ٧ من أبواب العيوب والتدليس ، ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٥٩٦ ، الباب ٢ من أبواب العيوب والتدليس ، ح ٢ ، رواه الكليني عن العدة عن سهل عن أحمد بن محمّد عن رفاعة بن موسى. ورواه ابن إدريس في المستطرفات عن نوادر البزنطي عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، السرائر ، ج ٣ ، ص ٥٦٢. وقد ورد ضمان المهر بالتدليس في الحديث ١ و ٤ و ٧ و ٨ من نفس الباب ، وح ١ من الباب ٩ ص ٦٠٤ ، وغيرها.