.................................................................................................
__________________
وقد تلخص ممّا ذكرناه أمور.
الأوّل : أنّ ضمان كلّ من الضامنين ممّن يجوز للمالك الرجوع إليه ـ وأخذ عين ماله أو بدله منه ـ لأجل وقوع يد كلّ منهم على ماله.
الثاني : جواز رجوع السابق إلى اللاحق ، إذا دفع البدل إلى المالك إن لم يكن السابق غارّا له ، وإلّا فليس له الرجوع إليه ، لقاعدة الغرور. وليس للّاحق الرجوع إلى السابق إذا دفع اللاحق البدل إلى المالك ، لأنّ اللّاحق متعهد لما في ذمة السابق بعد وصول العين منه ، دون العكس ، فليتأمل.
(وجهه : ما ظهر من مطاوي البيانات السابقة من عدم كون اتصاف المال بعهدة الضامن السابق من الصفات الدخيلة في المالية حتى يكون مضمونا على الضامن اللّاحق).
مضافا إلى : عدم وقوع البدل تحت يد اللاحق حتى يضمنه للسابق ، ضرورة أنّ البدل الثابت في ذمة السابق لم يقع في يد اللّاحق حتى يضمنه لأجل قاعدة اليد.
ومضافا إلى : عدم تقدم ضمان السابق على اللاحق ، وذلك لأنّ سبب الضمان ـ وهو التلف ـ بالنسبة إلى جميع الضمناء في رتبة واحدة ، ولا تقدم لبعضها على الآخر حتى يجوز رجوع السابق إلى اللّاحق.
نعم يجوز لمن دفع البدل إلى المالك أن يرجع إلى من تلفت العين بيده ، لأنّ قرار الضمان عليه ، حيث إنّ بناء العقلاء على وقوع المعاوضة القهرية بين العين التالفة وبين البدل الذي يدفعه من تلف عنده المال. وهذا وجه استقرار الضمان عليه.
وأمّا رجوع بعض الضمناء إلى البعض الآخر ـ غير من تلف مال المالك عنده ، بعد تساوي نسبة اليد العادية إلى جميع الضمناء ـ فلم يظهر له وجه. ومجرّد سبق بعضهم زمانا على الآخر في وضع اليد على عين مال الغير لا يجدي في جواز رجوع بعضهم على الآخر ، إذ ليس ذلك مناطا للضمان ، بل مناطه تلف العين كما مرّت الإشارة إليه. وهو يوجب ضمان الكلّ في رتبة واحدة لمالك العين التالفة من دون تقدم لأحدهم على الآخر. فقبل التلف لا ضمان على أحد ممّن وقعت يده على العين إلّا على نحو التعليق. وثبوته غير معلّق منوط بالشرط المتأخر ، لكنه بعد تسليم إمكانه غير ظاهر من أدلة الضمان.