فما (١) يدفعه الثاني فإنّما هو تدارك لما استقرّ تداركه في ذمّة الأوّل ، بخلاف ما يدفعه الأوّل ، فإنّه تدارك نفس العين معيّنا ، إذ لم يحدث له تدارك آخر (٢) بعد ، فإن أدّاه (٣) إلى المالك سقط تدارك الأوّل له (٤). ولا يجوز (٥) دفعه إلى الأوّل قبل دفع الأوّل إلى المالك ، لأنّه (٦) من باب الغرامة والتدارك ، فلا اشتغال
______________________________________________________
بدلا عن العين ، وصيرورته أجنبيا عنه ، وهو خلاف الفرض.
(١) هذه نتيجة ضمان الثاني كالمشتري فيما نحن فيه ، فإنّ ما يدفعه الثاني تدارك لما استقرّ في ذمة الأوّل وهو البائع. بخلاف ما يدفعه الأوّل وهو البائع ، فإنّه تدارك نفس العين معيّنا ، إذ المفروض أنّه أوّل غاصب استولت يده على المال ، ولم يسبقه يد عادية حتى يحدث للأوّل تدارك آخر غير تدارك العين.
(٢) أي : غير تدارك الأوّل إلى الآن ، ولعدم حصول تدارك آخر يكون التدارك بنفس العين معيّنا. وضمير «له» راجع إلى الأوّل.
(٣) يعني : فإن أدّى الثاني البدل إلى المالك سقط تدارك الأوّل لما استقرّ في ذمته ، فليس للمالك الرجوع إلى الأوّل وأخذ البدل منه.
(٤) أي : لما استقرّ في ذمته.
(٥) يعني ولا يجوز للثاني أن يدفع البدل إلى الأوّل قبل دفع الأوّل البدل إلى المالك.
(٦) هذا تعليل لقوله : «ولا يجوز» وحاصله : أنّ ما يدفعه الثاني إلى الأوّل إنّما هو من باب الغرامة ، وليس من قبيل العوض لما في ذمة الأوّل حتى يجب على اللاحق دفع البدل إلى السابق مطلقا سواء دفع السابق المال إلى المالك أم لا.
وعليه فحال الضامن الأوّل مع الضامن الثاني حال الضامن مع المديون المضمون عنه في أنّ الضامن لا يستحق الدفع من المضمون عنه إليه إلّا بعد أداء الضامن الدّين إلى المضمون له ان كان الضمان بإذنه ، وإلّا فلا يستحق شيئا من المديون المضمون عنه ، لكون الضامن متبرعا حينئذ.