عدم صدق مفاهيم هذه الألفاظ حقيقة في الموارد المذكورة.
لكن سبق عند الكلام في استكشاف الجامع الصحيحي من طريق الأثر الإشكال في اختصاص الآثار بالأفراد الصحيحة ، وفي عمومها لجميعها. على أن ذلك لو تم واستفيد من هذه الأدلة فلعله بقرينة ورودها في مقام الحث على العمل تأكيدا لداعوية التشريع ، فتختص بالمشروع ، لا لاختصاص المسمى بالصحيح.
وأما ما دل على نفي الماهية عند انتفاء بعض الأجزاء أو الشرائط فالاستدلال به موقوف على كون النفي حقيقيا ، لا ادعائيا بلحاظ عدم ترتب الأثر المهم ، ولا تنهض أصالة الحقيقة بذلك ، لأن المتيقن من بناء العقلاء عليها ما لو شك في المراد وعلم بالوضع ، دون العكس ، كما أشرنا إليه عند الكلام في كون التبادر علامة على الحقيقة. ومن الظاهر أن ما سيقت له هذه الأدلة ليس هو بيان سعة المفهوم وتحديده ـ نظير كلام اللغويين ـ ليرجع الشك في كون النفي حقيقيا أو ادعائيا إلى الشك في المراد ، بل بيان بطلان العمل وعدم الاعتداد به في مقام الامتثال ، لأن ذلك هو وظيفة الشارع ، ولذا لو دل دليل على الاجتزاء بفاقد الجزء أو الشرط الذي تضمنته هذه الأدلة كان معارضا لها ، ولو كانت مسوقة لتحديد المفهوم لم يكن معارضا لها ، لأن عدم تحقق المسمى بالفاقد لا ينافي الاجتزاء به بدلا عنه.
الرابع : ما اعتمده شيخنا الأعظم قدسسره ـ كما في التقريرات ـ وهو أن طريقة الواضعين وديدنهم في الوضع للماهيات المخترعة هو الوضع لخصوص التام منها ، لأنه الذي تقتضيه حكمة الوضع ، وهي مساس الحاجة للتعبير عنها كثيرا والحكم عليها بما هو من لوازمها وآثارها. وأما استعماله في الناقص الذي قد تدعو الحاجة إليه فليس إلا تسامحيا تنزيلا للمعدوم منزلة الموجود.