المقدمة الكلام في حقيقتها ، وذكرنا أن لها نحوا من التقرر عند العرف أو الشرع ، وأن وجودها في عالم الاعتبار تابع لاعتبار من بيده الاعتبار من عرف أو شرع أو سلطان ، وليست العقود والإيقاعات اللفظية وغيرها المتضمنة لإنشائها إلا أسبابا لها وموضوعات لاعتبار من بيده اعتبارها ، كسائر موضوعات الأحكام ، ولذا كان مفاد أدلة جعلها من الحاكم إمضاء الالتزام المذكور ونفوذه ، مع وضوح أن الإمضاء للشيء لا يكون إلا مع تطابق موضوعيهما مفهوما ، ولا مجال مع ذلك لتوهم أنها عين العقود والإيقاعات ، لوضوح أن العقود والإيقاعات أمور حقيقية لها ما بإزاء في الخارج ولا تقبل الإنشاء ولا الإمضاء.
نعم ، للمضامين المذكورة نحوان من الوجود :
الأول : الوجود المتقوم بالالتزام بها المبرز بالإنشاء اللفظي أو بغيره ـ مما يصلح للإبراز كالمعاطاة ـ من طرف واحد في الإيقاعات ، ومن أكثر في العقود. وهو في الحقيقة نحو من الوجود الاعتباري الضيق الخاص بطرف الالتزام أو أطرافه.
الثاني : الوجود الاعتباري التابع لاعتبار من بيده الاعتبار ـ من شرع أو عرف أو سلطان ـ تبعا لالتزام من له السلطنة عليها بنظره الراجع لإمضاء التزامه.
وبذلك تختلف مضامين المعاملات عن بقية الأمور الاعتبارية التي يكون الحكم بها ممن هي بيده تبعا لتحقق موضوعاتها ، من دون أن يكون بلسان الإمضاء ، كالضمان بسبب الإتلاف ، والانعتاق بسبب التنكيل ، ووجوب النفقة بسبب الزوجية ، فإنه لا يكون لها إلا النحو الثاني من الوجود من دون أن يتفرع على التزام أحد بها ويكون إمضاء له.
وحيث كان الوجود الأول موضوعا للوجود الثاني صح إطلاق السبب عليه عرفا ، كسائر الموضوعات بالإضافة إلى أحكامها. ولا يصح إطلاقه على