وكأن التوقف من بعضهم في ذلك ناشئ من أحد أمرين :
الأول : دلالة مادة المشتق أو هيئته في بعض الموارد على أمر غير الفعلية ـ من ملكة أو شأنية أو حرفة أو غيرها ، على ما سبق التنبيه له في الأمر الثاني ـ كما يظهر من بعض استدلالاتهم.
الثاني : اشتباه حال الجري في بعض الموارد ، وتخيل كونه في زمان خاص ، مع الغفلة عن القرينة الصارفة له إلى زمان آخر ، حيث قد يوجب ذلك تخيل كون منشأ الصدق عموم مفهوم المشتق لحال الانقضاء مطلقا أو في بعض الموارد التي ذكرها القائلون بالتفصيل.
كما هو الحال في المشتقات المأخوذة من المبادئ التي لا بقاء معتد به لها ، ليتعارف الإخبار بها أو ترتيب أحكامها حين حصولها ، بل لا يخبر بها ولا يراد ترتيب أحكامها غالبا إلا بعد انقضائها ، كالضارب في قولنا : زيد ضارب ، أو : اقتص من الضارب ، حيث لا إشكال في أنه لا يفهم منه الإخبار بالضرب حال وقوعه أو طلب الاقتصاص منه حين ضربه ، بل بعده. إلا أن ذلك ليس لعموم المشتق لحال الانقضاء ، بل لعدم كون حال الجري هو حال النطق ، بل هو سابق عليه مطابق لحال التلبس ، فيراد زيد ضارب سابقا ، واقتص من الضارب سابقا ، لأجل القرينة المذكورة المخرجة عن مقتضى الإطلاق المذكور في الأمر الثالث.
وكذا فيما إذا قضت المناسبات الارتكازية بكون حدوث المبدأ ـ وإن لم يستمر ـ علة لحدوث الحكم وبقائه ، كما في قولنا : يضمن المتلف ويجلد الزاني ويقطع السارق ويجزى المحسن بإحسانه ، حيث لا إشكال في ثبوت هذه الأحكام لهم حتى بعد انقضاء المبدأ عنهم ، إلا أن ذلك ليس لصدق العناوين عليهم حين ثبوت الأحكام وترتبها المستلزم لعموم المشتق لحال