سافر غدا ، أو في يوم الجمعة ، كان ظاهره إطلاق الوجوب وفعليته قبل الزمان المذكور ، ورجوع القيد للواجب ، وان لم يجب تحصيله لتعذره. وكأنه لاتحاد هيئة ظرفي الزمان والمكان ارتكازا ، الملزم باتحاد مفادهما ومتعلقهما.
وبهذا فرق قدسسره بين ما إذا كانت الخصوصية الاستقبالية مأخوذة بلسان الظرف فتكون قيدا للواجب وما إذا كانت مأخوذة بلسان الشرط في جملة شرطية ، حيث يتعين في الثاني كونها قيدا للتكليف بمقتضى القواعد العربية ، على ما سبق توضيحه في مبحث الواجب المشروط.
ولكنه يشكل بالفرق بين ظرفي الزمان والمكان ، لا من جهة اختلاف مفاد هيئتهما وضعا ، بل لأنه لا معنى لظرفية المكان للحكم ، إلا بتأويل القضية الظرفية بقضية شرطية يكون الشرط فيها ظرفية الظرف للمكلف ، بأن يرجع قولنا : صل في المسجد ، مثلا إلى قولنا : صل إن كنت في المسجد ، وهو تكلف مستبعد ، فكان الأولى صرف الظرفية للمكلف به المصرح به في الخطاب ، فيرجع ذلك إلى قولنا : صل صلاة واقعة في المسجد.
أما ظرفية الزمان فكما يمكن تعلقها بالمكلف به يمكن تعلقها بالحكم ، وحينئذ لا مانع من رجوعها للحكم لو كان هو مقتضى الظهور الأولي ، كما هو الظاهر. ولذا كان هو ظاهر التركيب الكلامي لو كانت الخصوصية الزمانية اختيارية ، كما لو قيل : صل حين سفرك أو حين دخولك المسجد ، فلا يكون التكليف فعليا قبل تحقق الخصوصية ، ولا يجب تحصيلها مقدمة لامتثاله. ومن هنا لا يبعد ظهور هيئة الظرفية بحسب التركيب الكلامي في الرجوع للحكم وإن لزم الخروج عن ذلك في الظرفية المكانية ، لما سبق.