وأما أمر المولى بمقدمة المأمور به ، ونهيه عن مقدمة المنهي عنه ، فهو لو صدر لا يكون بداعي التكليف المولوي ، بل بداعي الإرشاد للطاعة ، أو بداعي بيان المقدمية.
بقي شيء
وهو أنه إذا ورد الأمر بشيء ، وتردد بين كونه مطلوبا نفسيا وكونه مطلوبا لمقدميته لغيره ، فلا يبعد ظهور الأمر في الأول ، وأن المأمور به مورد للغرض بنفسه وعنوانه ، لا في طول داعوية غيره.
بل لو كان الغير الذي يحتمل مقدميته له مشروطا بشرط كان احتمال مقدميته له ملازما لاحتمال كون أمره مشروطا بذلك الشرط ، لتبعية أمر المقدمة لأمر ذي المقدمة في الإطلاق والاشتراط. وحينئذ ينهض الإطلاق بدفع ذلك.
مثلا إذا ورد الأمر بالوضوء وتردد بين كونه مطلوبا لنفسه وكونه مطلوبا لأجل الصلاة ، فحيث كان الأمر بالصلاة مشروطا بالوقت ، فإطلاق الأمر بالوضوء قاض بعدم اشتراطه بالوقت ، الملازم لعدم كونه غيريا من أجل الصلاة.
هذا ، ولو لم يكن للأمر إطلاق ولا ظهور في كون المأمور به نفسيا كان المرجع الأصل. ولا ريب في أنه إذا علم بوجوب شيء في الجملة وشك أن وجوبه نفسي أو غيري تبعا لوجوب شيء آخر ، فمع عدم وجوب ذلك الآخر فعلا حيث يشك في فعلية وجوب ذلك الأمر المردد بين الوجوب النفسي والغيري فمقتضى الأصل البراءة من وجوبه. وكذا الحال مع الشك في وجوب ذلك الآخر.
أما مع العلم بوجوب الآخر فيختلف الحال باختلاف فروض المسألة وصورها بما يضيق المقام عن استقصائه ، وقد يظهر بالتأمل.