الثاني : أنه عبارة عن وجوبات عينية بعدد أفراد المكلفين يكون بقاء كل منها في حق كل شخص مشروطا بعدم امتثال غيره لتكليفه.
ويشكل : بأن الذي يكلف به كل مكلف إن كان هو الماهية على إطلاقها في مقابل العدم المحض والتي يكفي في تحققها فعل أحدهم فلا مجال لإرجاعه للتكاليف العينية في حق جميع المكلفين ، لوضوح ابتناء التكاليف العينية في حق كل منهم إلى تكليفه بفعله المباين لفعل غيره والمقابل لعدم فعله هو ، لا للعدم المحض. كما لا يحتاج معه سقوط تكاليف الباقين بفعل الواحد إلى تقييدها بعدمه ، لعدم بقاء موضوعها معه.
وإن كان هو خصوص الماهية الصادرة منه في مقابل عدم فعله هو لها ، بحيث يكون كل منهم مكلفا بفرد من الماهية غير ما يكلف به الآخر ـ نظير التكاليف العينية ـ فمن الظاهر عدم تعلق الغرض الفعلي في مرتبة سابقة على التكليف بفعل الكل ، ليستتبع تكليف كل أحد بفعله ، بل لا غرض من أول الأمر إلا بفعل واحد ، إما لامتناع تعدد الفعل ـ كتطهير المسجد وحفظ المال ـ أو لعدم تعلق الغرض إلا بفعل واحد ، أو لتعذر استيفاء الغرض من فعل الكل المستلزم للاكتفاء بأحدها بدلا.
الثالث : ما ذكره بعض الأعاظم قدسسره من أن الوجوب الكفائي لما كان ناشئا عن غرض واحد تعين كونه وجوبا واحدا متعلقا بطبيعة المكلف بنحو صرف الوجود ، فبامتثال أحد المكلفين يتحقق الفعل من صرف الوجود ، فيسقط الأمر تبعا لتحقق الغرض ، ولا يبقى مجال لامتثال الباقين. كما أنه بامتثالهم دفعة يثابون جميعا ، لانطباق صرف الوجود عليهم جميعا.
وفيه : أنه لا يتعقل تكليف صرف الوجود ، لأن التكليف إضافة خارجية لا تتعلق لا بالمكلف والمكلّف الخارجيين المعينين. وإنما أمكن تعلقه