الاستحقاق ، وللمولى الشرعي ونحوه بالوجوب الشرعي. وأما لغيرهم فلا تجب ، بل يكون فعلها بدواع أخر ، كخوف الضرر الذي قد يجب دفعه شرعا ، والوفاء وغيرهما. إلا أن ذلك لا يوجب اختلاف منشأ انتزاعها من قبل من تصدر منه ، والذي يكون به قوامها.
وتوضيح ذلك : أن صاحب الحق بالذات ـ وهو المولى الأعظم ـ أو بالجعل أو بالزعم والقهر ، أو بغير ذلك ، إذا خاطب بالأمر والنهي بداعي جعل مقتضاهما محسوبا عليه ومنتسبا إليه ـ بحيث يصح أن يؤتى به لأجله وعلى حسابه بما أنه صاحب تلك الجهة المقتضية للمتابعة ـ كان ذلك الخطاب منشأ لانتزاع المشروعية التي هي أعم من الوجوب والاستحباب ومن الحرمة والكراهة.
وحينئذ إن ابتنى الخطاب مع ذلك على جعل السبيل على المخاطب ومسئوليته بحيث يكون عدم متابعته له خرقا لها وخروجا على مقتضاها كان منشأ لانتزاع أحد الحكمين الإلزاميين ، وهما الوجوب والحرمة ، وإن لم يبتن على ذلك بل على مجرد بيان نسبة مقتضى الخطاب للمخاطب ، بحيث يتابع لأجله من دون أن يخل بتلك الجهة ، كان منشأ لانتزاع أحد الحكمين الاقتضائيين غير الإلزاميين ، وهما الاستحباب والكراهة. ومنه يتضح حال الإباحة بالمعنى الأخص فهي الترخيص لبيان عدم اقتضاء الجهة المذكورة للفعل ولا للترك.
ولعله إلى هذا يرجع ما ذكره بعض الأعاظم قدسسره من أن الخطاب بالتكليف يتضمن إيقاع المادة تشريعا على المكلف ، وما ذكره بعض مشايخنا من أن مفاد الطلب اعتبار كون المادة على ذمة المكلف ، لأن جعل السبيل والمسئولية يشبه ما ذكراه ، وإلا فما ذكراه من سنخ الوضع المباين للتكليف.