ومن ذلك يظهر أنه لا حاجة لما تكلفه غير واحد ـ بعد البناء على امتناع تقييد المأمور به بالوجه القربي ـ من توجيه التعبدي تارة : بحكم العقل بلزوم التقرب بالعمل وعدم الإجتزاء بالامتثال بدونه في مورد يتوقف تمامية الغرض عليه وإن لم يؤخذ فيه شرعا لمانع من التقييد به.
وأخرى : بتعدد الأمر ، بأن يتعلق الأمر أولا بذات العبادة ، ثم يؤمر ثانيا بالإتيان بها بداعي الأمر الأول ، ولا يسقط الأمران إلا معا ، لوحدة الغرض الداعي لهما وعدم حصوله إلا بامتثالهما معا.
وثالثة : باختلاف سنخ الأمر في التعبدي عنه في التوصلي ، فالثاني لا يقتضي التقرب ، والأول يقتضيه ولو مع إطلاق المتعلق فيهما معا.
على أن الأول يشكل بأن العقل وإن كان يحكم بلزوم متابعة الغرض ـ على ما تقدم في الأمر الأول وفي ذيل مبحث الكلام في حقيقة الأحكام التكليفية ـ ولا يجتزئ بامتثال التكليف إذا أحرز عدم وفائه بالغرض ، إلا أن مخالفة الحكم المجعول للغرض سعة وضيقا إنما يمكن مع غفلة المولى ، أما مع التفاته وعلمه بما يطابق غرضه ـ كما هو الحال في الشارع الأقدس ـ فيمتنع جعله الحكم بنحو لا يطابقه ، ليستقل العقل بعدم الاجتزاء بالامتثال بالوجه الذي لا يحصل معه الغرض.
والثاني إن ابتنى على إطلاق الأمر الأول بنحو لا يطابق الغرض أشكل بما سبق من امتناع مخالفة الحكم المجعول للغرض مع التفات الحاكم.
وإن ابتنى على إهماله من حيثية القيد الذي يمتنع التقييد به أشكل بامتناع الإهمال في حكم الحاكم. وتمام الكلام في ذلك عند الكلام في مقدمات الإطلاق من مباحث المطلق والمقيد ، حيث يأتي هناك إن شاء الله التعرض لما ذكره بعض الأعاظم من الالتزام بتعدد الجعل مع قصور الجعل الأول عن استيفاء