فليكفّر ـ يتعين الوجه الأول ، لوحدة الجهة المقتضية للتكليف.
ودعوى : أن التأكيد في البيان خلاف الأصل ، بل الأصل فيه التأسيس وتعدد المبين ، إما لتعدد التكليف أو لتعدد الجهة الموجبة له.
مدفوعة أولا : بأن أصالة التأسيس ليست بنحو تنهض برفع اليد عن إطلاق المتعلق المقتضي لوحدة التكليف.
وثانيا : بأن تكرار البيان في الوجه الأول قد لا يكون للتأكيد ، بل لغفلة الآمر ـ لو أمكن في حقه الغفلة ـ أو المأمور عن البيان الأول ، أو جهلهما به ، كما قد يكون لاختلاف مقام البيان مع وحدة المبين ، لاختصاص التأكيد المخالف للأصل بالبيان اللاحق المبتني على البيان السابق بحيث يكونان في مقام واحد. ومن هنا لا مخرج عما سبق.
نعم ، لو كان ظاهر الخطاب تعدد الجهة الموجبة للأمر ، بأن اختلف موضوعه أو شرطه ـ كما في مثل : من أفطر فليكفّر ، و: من ظاهر فليكفّر ـ فلا مجال للوجه الأول. وحينئذ يتردد الأمر بين الوجهين الأخيرين. ويأتي في التنبيه الخامس لمبحث مفهوم الشرط إن شاء الله تعالى أن الأصل في مثل ذلك يقتضي الوجه الثالث الذي إليه ترجع أصالة عدم التداخل ، لا الثاني الذي ترجع إليه أصالة التداخل.
هذا ، وأما النهي بعد النهي فلا مجال فيه للوجه الثالث ، لكون النهي استغراقيا يقتضي ترك تمام الأفراد سواء اتحد أم تعدد ، فيتردد الأمر فيه بين الوجهين الأولين ، ولا أثر للتردد المذكور عملا. على أنه مما سبق يتضح لزوم حمله على الثاني مع تعدد الموضوع أو الشرط ، وعلى الأول بدون ذلك. فلاحظ.
والله سبحانه وتعالى العالم العاصم ، ومنه نستمد العون والتسديد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل. والحمد لله رب العالمين.