ولعل ذلك هو منشأ بناء من تقدم على كون الخصوصية المستلزمة للمفهوم خارجة عن مفاد القضية وضعا ، وبسبب ارتكاز ظهورها في الخصوصية المذكورة تكلفوا توجيه كونها مقتضى الإطلاق بمقدمات الحكمة.
لكن الارتكاز المذكور كاف في إثبات إفادتها لها وضعا من دون أن ينافيه كثرة موارد تجريدها ، لشيوع التوسع في الاستعمال ، نظير التوسع في استعمال غير الشرطية من القضايا المتضمنة للتقييد بالوصف والظرف وغيرهما بسوقها لبيان الإناطة والتعليق بنحو تكون ذات مفهوم ، مع وضوح عدم إفادتها بنفسها لذلك لا وضعا ولا إطلاقا.
ثم إنه قد يستدل على إفادة الشرطية للمفهوم ببعض النصوص الظاهرة في المفروغية عن إفادة الشرطية للمفهوم ، كصحيح عبيد بن زرارة : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قوله عزوجل : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ، قال : ما أبينها ، من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه» (١) ، وصحيح أبي أيوب عنه عليهالسلام : في تفسير قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، قال عليهالسلام : «فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل. ولكنه قال : (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)» (٢) ، وصحيح أبي بصير : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الشاة تذبح فلا تتحرك ويهراق منها دم كثير عبيط. فقال : لا تأكل ، إن عليا عليهالسلام كان يقول : إذا ركضت الرجل أو طرفت العين فكل» (٣) ، وغيرها. وهي إن لم تكن بنفسها دليلا على المطلوب ـ لاحتمال استناد استفادة المفهوم في مواردها لقرائن خفيت علينا ـ فلا أقل من كونها مؤيدة له ، ولا سيما الأولين ، وخصوصا الثاني لظهوره في فهم الناس المفهوم من الشرطية بأنفسهم.
__________________
(١) الوسائل ج : ٧ باب : ١ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٨.
(٢) الوسائل ج : ١٠ باب : ٩ من أبواب العود إلى منى حديث : ٤.
(٣) الوسائل ج : ١٦ باب : ١٢ من أبواب الذبائح حديث : ١.