إلى المحمول في غير محله على الظاهر ، لعدم معهوديته في القضايا المتداولة.
وأما الثاني فقد تردد في بعض كلماتهم أن الغاية فيه ترجع تارة : لمتعلق الحكم ، كالسير في قولنا : سر من الكوفة إلى البصرة.
وأخرى : لموضوع المتعلق ، كالأيدي والأرجل في قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(١) ، حيث لا تكون غاية للغسل والمسح ، ولذا لا يجب الانتهاء فيهما بالمرفق والكعب ، وإليه يرجع ما قيل من أنها لتحديد المغسول.
لكن الظاهر رجوع الثاني للأول ، وأن المراد بالآية بيان غاية الغسل والمسح ، غاية الأمر أنه ليس بلحاظ التدرج في وجود أجزائهما ـ الذي يكون معيار الفرق فيه بين المبدأ والمنتهى بدء الوجود ونهايته ـ بل بلحاظ محض التحديد وبيان المقدار الذي يكون الفرق فيه بين المبدأ والمنتهى بمحض الاعتبار ، نظير تحديد الأمكنة والبقاع ، حيث يصح أن يقال في تحديد البحر الأبيض المتوسط مثلا : أنه يمتد من جبل طارق إلى بلاد الشام ، كما يصح أن يقال : أنه يمتد من بلاد الشام إلى جبل طارق. فيكون المراد بيان مقدار الغسل بلحاظ سعة المغسول. وإلا فحملها على تقييد نفس الموضوع الخارجي بلحاظ أجزائه بعيد عن المرتكزات ، غير معهود النظير ، كما لا يناسب ما ذكره النحويون ، وتساعد عليه المرتكزات ، من أن الجار والمجرور لا بد أن يتعلق بالفعل أو ما يقوم مقامه من الأسماء المتضمنة معنى الحدوث والتجدد ، حيث يناسب ذلك أن يكون الجار والمجرور قيدا للنسب التي يتضمنها الفعل والأسماء المذكورة ، ولا يكون قيدا للأسماء الجامدة المتمحضة في الاسمية.
وبالجملة : الغاية ترجع دائما للنسبة ، وليس الفرق بين رجوع الغاية
__________________
(١) سورة المائدة الآية : ٦.