النزاع إلى النزاع في ظهور الكلام في كون الشيء غاية. فإن التعبير بالغاية إنما وقع في كلام أهل الفن تسامحا ، من دون أن يتضمنه الكلام الذي وقع النزاع في دلالته على المفهوم ، وإنما تضمن الكلام أدوات خاصة ، مثل : (حتى) و(إلى). ومرجع النزاع في المقام إلى النزاع في ظهور تلك الأدوات في كون ما بعدها غاية للنسبة بحيث ترتفع بعده ، وعدم ظهورها في ذلك ، بل إنما تدل على مجرد استمرار النسبة إليه ، سواء انتهت به أم بقيت بعده.
ونظير ذلك تعبيرهم عن المقدم في الشرطية بالشرط ، فإن فرض كونه شرطا ملازم لدلالة القضية على المفهوم ، والنزاع في دلالتها عليه راجع للنزاع في ظهور الأدوات في شرطيته للجزاء ، أو في مجرد تحققه حينه ، وإن أمكن أن يتحقق بدونه.
وحينئذ لا ينبغي التأمل في عدم دلالة الأدوات المذكورة على الانتهاء والغاية ، بل على مجرد الاستمرار فيما لو كانت قيودا لفعل المكلف ، لا للحكم ، فقولنا : سرت من الكوفة إلى البصرة ، أو حتى دخلت البصرة ، لا يستفاد منه انتهاء السير بالبصرة ، بحيث لا سير بعد الدخول إليها ، وقولنا : سر من الكوفة إلى البصرة ، لا يستفاد منه إلا تقييد السير الواجب بأن يستمر للبصرة وإن لم ينته بها ، بل يستمر بعدها. وكذا الحال في الغاية الزمانية ، كما لو قيل : سرت إلى ساعة ، أو : سر إلى ساعة ، حيث لا يستفاد الانتهاء بالمدخول إلا بقرينة خارجة عن ذلك ، كورود الكلام في مقام التحديد ، حيث يستفاد المفهوم معه حتى في اللقب والعدد ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
ولعل شيوع ورود الأدوات المذكورة في المورد المذكور هو الموهم لدلالتها على الانتهاء والغاية زائدا على الاستمرار. لكن تشخيص المفاد الوضعي إنما يكون بملاحظة الموارد الخالية عن القرائن الخارجية. وربما يكون أظهرها موارد الاستفهام ، كما لو قيل : هل سرت من الكوفة إلى البصرة ،