نعم ، لا ينافي ذلك اتصاف تمام أفرادها أو بعضها بما لا يباين المحمول خارجا وإن خالفه مفهوما. فإذا قيل : الإنسان أبيض كان ظاهره صدق الأبيض على تمام أفراده وعدم انطباق غيره مما يضاده ويباينه خارجا ـ كالأحمر والأسود ـ على شيء منها ، وإن أمكن انطباق ما يخالفه ولا يضاده ـ كالماشي والآكل ـ عليها.
وبذلك يتم المدعى ، لأنه إذا كان ظاهر قولنا : العالم زيد كون العالم بتمام أفراده متصفا بأنه زيد لزم عدم كون غير زيد من أفراد الإنسان المباينة له عالما ، وهو عبارة أخرى عن المفهوم ، كما لا يخفى.
على أن الظاهر من حمل أحد الشيئين على الآخر ليس محض انطباق أحدهما على الآخر ، بل التطابق بينهما ، بحيث يكون أحدهما عين الآخر ـ مفهوما لو كان الحمل أوليا ذاتيا ، وخارجا لو كان الحمل شايعا صناعيا ـ كما هو مفاد هو هو ، ولازم ذلك اختصاص أحدهما بالآخر ، وعدم انطباقه على ما يباينه.
وعلى هذا يبتني التعريف بالرسم في مثل قولنا : الإنسان هو الحيوان الضاحك ، والخفاش هو الطائر الولود ، مع وضوح أن الحمل فيه شايع صناعي ، ولو لم يكن مقتضى الحمل التطابق لم يصلح الحمل فيه للتحديد.
ولا مجال للنقض على ذلك بالحمل مع تنكير أحدهما ، كما في قولنا : الإنسان ماش وزيد عالم.
لأن مفاد النكرة ليس هو نفس الجنس ، كمفاد المعرف باللام ، بل ما يعم مفاد الحصة منه ، فلا يدل الحمل المذكور إلا على التطابق بين الإنسان والماشي وبين زيد والعالم في الجملة ، ولو بلحاظ التطابق بينهما وبين حصة من كل منهما ، ومرجعه إلى مجرد انطباق جنس الماشي على الإنسان وجنس العالم