فلا مجال للبناء عليه ، لما هو المدرك بالوجدان من عدم انسلاخ عناوينها عن الحكاية ، بل هي حاكية عن مفاهيمها المتقررة ، كما تحكي عناوين التكوينيات والاعتباريات عما يطابقها في عالم الخارج أو الاعتبار ، ولذا لا يكون الذهن مطلقا في انتزاعها ـ كما في التخييليات والاعتباريات ـ فلا يكون النوع جنسا ولا الفوق تحتا ولا المعلول علة ولا المتقدم متأخرا ، بل هي تابعة لواقع واحد ليس للذهن التصرف فيه ، وإنما له إدراكه والوصول إليه. وتمام الكلام في المطولات.
الثاني : ما يحكم به في كلام الشارع أو المتشرعة أو يحكم عليه مع أنه في الحقيقة ليس محكوما به ولا محكوما عليه ، إما لكون موضوعه منتزعا في مرتبة متأخرة عن ورود الحكم ، فيستحيل أخذه في موضوع الحكم ، لاستحالة أخذ المتأخر في المتقدم ، كوجوب أداء الفرائض ، حيث لا يصدق عنوان الفريضة إلا في مرتبة متأخرة عن وجوبها ، فلا تكون بمفهومها موضوعا للوجوب المذكور ، فلا بد من كون الحكم المذكور منتزعا من وجوب ذواتها ـ كالصلاة والصوم والحج ـ لا بما هي فرائض.
وإما لكون المحكوم به أو عليه هو الواقع الخارجي المطابق له بعنوان آخر ، كالغصب الذي قد يحكم عليه بالحرمة ، أو يحكم به على بعض التصرفات ، مع أن موضوع الحرمة ليس هو الغصب بما هو أمر وجودي بمفهومه العرفي الذي هو عبارة عن الاستيلاء على ملك الغير قهرا عليه ، بل هو التصرف في ملك من هو محترم المال بغير طيبة نفسه أو نفس من يقوم مقامه ، فهو موضوع مركب من أمر وجودي ـ وهو التصرف ، واحترام المال ـ وعدمي ـ وهو عدم طيبة النفس ـ ونحو ذلك مما يكون بمفهومه منتزعا من حكم آخر مجعول للشارع أو موضوع آخر محكوم عليه من قبله.
ثم إن الكلام في المقام حيث كان في حقيقة الأحكام الوضعية وأنها