الأمور في أفراده ، كما هو ظاهر في مثل عموم مطهرية الغسل بالماء مع ما دل على اعتبار التعدد في التطهير من البول ، وعموم الاكتفاء بغسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس والرجلين في الوضوء مع ما دل على اعتبار الترتيب والموالاة في الوضوء ، وعموم صحة البيع مع ما دل على اعتبار العلم بقدر الثمن ، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.
وحينئذ يتعين البناء في ذلك على التنافي بين الدليلين ، ثم قد يتعين عرفا الجمع بالتخصيص ، الراجع إلى أن المراد الجدي بالعام ليس إثبات حكمه في تمام أفراده ، بل في خصوص ما كان منها واجدا لتلك الأمور ، وأن موضوع حكم العام يختص بذلك ، فلا يكفي حينئذ إحراز عنوان العام في ترتب الحكم ، بل لا بد معه من إحراز تلك الأمور. وعليه يترتب ما تقدم من عدم حجية العام في الشبهة المصداقية.
نعم كثيرا ما يكون ظاهر العام تحقق ذلك الأمر المعتبر في الحكم في تمام أفراده ، وأنه ملازم لعنوان العام كحكمه ، لعدم المانع من ذلك بعد عدم وضوح الانفكاك بينهما عند العرف.
بل لا إشكال في دلالته على ذلك لو كان الأمر المذكور ظاهر الملازمة للحكم عقلا ـ كالملاك ـ أو عرفا ، كالطهارة الملازمة عرفا وارتكازا للمطهرية على تفصيل ذكرناه في مباحث المياه من الفقه.
وفي مثل ذلك لا مجال لدعوى تقييد موضوع حكم العام بصورة وجود ذلك الشيء ، إذ لا معنى للتقييد به مع استفادة الحكم بوجوده تبعا للحكم الملزوم له ، بل يكون مقتضى عمومه ثبوته في تمام أفراده ، بحيث لو ثبت عدم تحققه في فرد كان منافيا للعموم المذكور وكاشفا عن تخصيص موضوع حكم العام بالإضافة إلى ذلك الفرد بخصوصيته.