عالم يجب إكرامه ، تستلزم أن كل من لا يجب إكرامه ليس بعالم ، لأنه عكس نقيضها ، فيترتب عليه ما تقدم في الموردين.
لكنه يندفع بما ذكره غير واحد من أن الدليل على حجية العموم لما كان هو سيرة أهل اللسان الارتكازية لزم الاقتصار في حجيته على مقتضاها ، والمتيقن منها الرجوع للعام في ثبوت حكمه في فرض تحقق موضوعه ، دون شرح حال الموضوع بالنحو المدعى. وما اشتهر من أن الأمارة حجة في لازم مؤداها ليس على إطلاقه ، على ما ذكرناه عند الكلام في الأصل المثبت من مباحث الاستصحاب. ولذا لا يظن منه قدسسره ولا من غيره البناء على نهوض العام برفع إجمال الخاص لو تردد بين الأقل والأكثر ، مع أنه لازم لجريان حكم العام في مورد الشك.
نعم ، إذا كان بيان الحكم المخالف للعام في مورد مسوقا لبيان عدم ثبوت عنوان العام فيه من باب بيان الموضوع بلسان بيان الحكم ، أو مستفادا منه بسبب الملازمة العرفية الذهنية بينها أو بقرائن خاصة ، فلا إشكال في البناء على عدم التخصيص. كما في ما تضمن عدم وجوب غسل ملاقي بعض الأمور ـ كالجاف والمذي ـ أو عدم وجوب الوضوء من بعض الأمور ـ كالقبلة وخروج المذي ـ حيث يستفاد من ذلك عدم تنجس الملاقي وعدم سببية الأمور المذكورة للحدث ، ولا مجال معه لاحتمال التنجس وتحقق الحدث من دون أن يجب التطهير من الخبث أو التطهير من الحدث في الموارد المذكورة تخصيصا لعموم مانعيتهما.
ولعل هذا هو الذي أوهم صحة الاستدلال بأصالة العموم في المقام ، كما نسبه في التقريرات للأصحاب في استدلالاتهم. لكنه ليس لأصالة العموم في الحقيقة ، بل لخصوصية في دليل الحكم المخالف للعام. وأما الاستدلال المتقدم منه على طهارة الغسالة فهو عقيم ، كما نبه له بعضهم.