وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ ...)(١) ، فإن ظاهر الصدر عموم العدة المذكورة لجميع المطلقات ، وظاهر الذيل المشتمل على الضمير جواز الرجوع بكل مطلقة ذات عدة ، وتخصيصه ببعض الأقسام ـ كالطلاق الأول والثاني دون الثالث ـ إنما استفيد من أدلة أخرى خارجة عن الكلام. وفي هذا القسم حيث ينعقد الظهور في عموم حكم العام السابق على حكم الضمير ، وهو حجة في نفسه ، فلا ملزم برفع اليد عنه بالدليل الخارج المتضمن تخصيص حكم الضمير ، لعدم التلازم بينهما ، بل يتعين العمل على العموم المذكور.
إن قلت : لما كان ظاهر الكلام التطابق بين الضمير ومرجعه ، فبعد قيام الدليل الخارجي على اختصاص حكم الضمير ببعض الأفراد يدور الأمر بين التصرف في العام بحمله على خصوص تلك الأفراد ، والتصرف في الضمير بالبناء على عدم التطابق بينه وبين مرجعه من باب الاستخدام ، أو على التوسع في اسناد الحكم إليه على عمومه مع ثبوته لبعض أفراده ، وليس التصرف في الضمير بأحد الوجهين بأولى من التصرف في العام بالتخصيص ، بل لعل الثاني هو الأولى.
قلت : إنما يتم ذلك لو كان مرجع الجمع بين العام والخاص بالتخصيص إلى كون العام مستعملا في بعض أفراده ، حيث يلزم مع تخصيص حكم الضمير دون حكم مرجعه التصرف في الضمير بأحد الوجهين المذكورين ، وقد سبق أن الجمع بالتخصيص لا يبتني على ذلك ، بل على مجرد رفع اليد عن ظهور العام في إرادة العموم لمورد الخاص ، تقديما لأقوى الحجتين في الكشف عن مراد المتكلم ، وإن أمكن أن يكون العام مستعملا في العموم لضرب القاعدة التي يرجع اليها عند عدم المخرج عنها أو مع قرينة متصلة على
__________________
(١) سورة البقرة الآية : ٢٢٨.