والتقبيح العقليين ، للجهل بموارد المصالح والمفاسد ، وبخصوصيات المزاحمات لها.
وثانيا : لعدم كفاية الداعوية العقلية غالبا في الجري على مقتضى حكم العقل ، لمزاحمتها بالدواعي الأخرى في أكثر الناس.
ومن هنا يجب على الشارع الأقدس حفظ مقتضى حكم العقل بجعل الحكم المولوي من قبله على طبقه ، لتتأكد الداعوية العقلية بالداعوية الشرعية ، حيث يتسنى بجعله للحكم المولوي الجري على مقتضى الحكم العقلي لأجله تعالى والعمل لحسابه ، لكونه المنعم المالك الكامل القادر ، إما لأنه اللازم الشكر لإنعامه ، أو الذي هو أهل لأن يعبد بالطاعة بمالكيته وكماله ، فيتأكد الداعي العقلي بمثله ، أو لأنه المحبوب لإنعامه وكماله ، فيتأكد الداعي العقلي بالداعي العاطفي ، أو لأنه المرجوّ المرهوب لمالكيته وقدرته ، المستلزمين لرجاء الثواب والرهبة من العقاب بسبب استحقاقهما منه ، فيتأكد الداعي العقلي بالداعي الفطري الراجع لتحصيل النفع ودفع الضرر ، الذي هو أقوى الدواعي عند عامة الناس.
ولا يخفى أن وجوب اللطف المذكور عليه تعالى حكم آخر للعقل متفرع على حكمه بحسن الحسن وقبح القبيح ، تفصيلا مع العلم بخصوصياتهما ، وإجمالا مع الجهل بها. نظير وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرعا ، المتفرع على ثبوت المعروف والمنكر تشريعا. وهو مختص بحق الشارع الأقدس ، لاختصاص القدرة على مقتضاه به ، بسبب علمه المطلق التام بمقتضيات الحسن والقبح بخصوصياتها وبموارد مزاحماتها ، وقدرته على حفظها بالدواعي المذكورة آنفا بسبب التشريع ، لواجديته لجهاتها ، وقدرته على الثواب والعقاب بأتم وجه ، ولا يشاركه في ذلك غيره سبحانه وتعالى جل شأنه وعزّ اسمه وعظمت آلاؤه ونعماؤه.