المناسبة بالآيات المذكورة ، واستقصاء الكلام في جميعها وفي مقتضى الجمع بينها في أنفسها وبينها وبين غيرها يحتاج لجهد كثير ووقت طويل ، فالأولى إيكاله إلى مورد الحاجة إليه من الفقه ، وبحثه بالمقدار الذي يقتضيه المورد.
الثاني : أن العقل بعد أن يدرك مقتضي الحكم لا يعتد باحتمال المانع. لكنه يبتني على قاعدة المقتضي التي لم تثبت كلية ، ولم يتضح الاعتماد عليها في خصوص المورد ، وإنما ثبت في بعض الموارد لخصوصيتها.
ولا مجال لقياس المقام بما لو احتمل وجود المزاحم لحسن الحسن وقبح القبيح ، حيث لا يعتد به العقل في رفع اليد عن داعويته على طبق الحسن والقبح المعلومين ، فلا ينبغي الكذب بمجرد احتمال ترتب مصلحة مهمة عليه ، ولا ترك الصدق لاحتمال ترتب مفسدة مهمة عليه.
للفرق بإحراز موضوع الداعوية بالإضافة للحكم العقلي ، وليس الشك إلا في المزاحم ، أما بالإضافة للحكم الشرعي فلا يحرز موضوع الداعوية ، الذي هو عبارة عن موضوع الحكم ، لأن موضوعه لا يتم بمجرد تمامية مقتضي حكم العقل ، بل لا بد معه من عدم المزاحم للمقتضي المذكور ، وعدم المانع من تشريع الحكم من قبل الشارع على طبقه. فهو نظير الفرق بين إحراز موضوع التكليف الشرعي مع الشك في المزاحم له ، وإحراز مقتضي ملاكه مع احتمال المانع ، الملازم لعدم إحراز موضوعه ، حيث يعتد بالاحتمال الثاني دون الأول. ومن هنا لا مجال للبناء على ما ذكره قدسسره.