لا بد أن يكون لاختصاص الغرض بالمقيد ، وحينئذ قد يشكل بأن المتأخر والمتقدم كيف يكونان دخيلين في فعلية ترتب الغرض على المأمور به مع عدم وجودهما حينه ، نظير ما تقدم في العلل التكوينية ، لأن ترتب الغرض على المأمور به تابع لخصوصيات تكوينية ، لا للجعل الشرعي.
ولا بد من توجيهه بأحد وجهين :
أولهما : أن يكون القيد ملازما للحصة المؤثرة للغرض من دون أن يكون دخيلا في ترتب الغرض عليها.
وثانيهما : أن يكون الغرض من سنخ الأمور الاعتبارية التي يمكن دخل غير المقارن فيها ، نظير حسن الضيافة المترتب على بذل الطعام القليل أو غير الجيد بشرط الاعتذار وإن كان متقدما عليه أو متأخرا عنه. ويزيد الشرط المتقدم بوجه ثالث ، وهو أن يكون من سنخ المعدّ الذي تقدم إمكانه في التكوينيات أيضا.
وبأحد هذه الوجوه يمكن توجيه الارتباطية بين أجزاء المركب الواحد مع تعاقبها في الخارج وعدم وجودها دفعة واحدة ، لأنها ترجع إلى اشتراط تأثير كل منها في الغرض بوجود الباقي في موقعه متقدما عليه أو متأخرا عنه ، فيلحقها ما يجري في الشرط المتأخر أو المتقدم.
وبما ذكرنا يظهر أنه كما يمكن تقييد المأمور به بشرط متقدم أو متأخر يمكن تقييد الحكم نفسه ـ تكليفيا كان أم وضعيا ـ بذلك ، لأنه أيضا منتزع من التقييد الذي يمكن بالأمرين معا ، كما يمكن بالمقارن. ولا محذور فيه إلا بلحاظ أن دخل الشرط في الحكم إنما هو لدخله في فعلية الغرض المقتضي لجعله ، ومع مقارنة فعلية الغرض للشرط يمتنع تقدم الحكم أو تأخره عنه ، ومع تأخر فعلية الغرض عن الشرط أو تقدمها عليه يمتنع تأثير الشرط فيها ـ ليكون شرطا للحكم ـ لاستحالة تأثير المعدوم. ولا بد من توجيهه بأحد الوجوه