مشاركته للتكليف النفسي في ذلك ، بل صرح في محكي الإشارات بثبوت عقابين.
لكنه مخالف للمرتكزات العقلائية ، فإن المعيار في التقرب والتمرد اللذين يناط بهما الثواب والعقاب هو التكاليف النفسية المجعولة بالأصل ، والتي هي مورد الأغراض والملاكات ، دون الغيرية التي هي في طولها جعلا وطاعة ومعصية. وملازمة التكليف مطلقا لاستحقاق الثواب والعقاب. ممنوعة جدا بعد كون المرجع في الملازمة العقل.
نعم ، حيث كان ترك المقدمة موجبا لمخالفة التكليف النفسي تعين كونه سببا لاستحقاق العقاب عليه.
كما أنه لما كان المعيار في استحقاق الثواب هو الحسن الفاعلي ـ بالانقياد للمولى والخضوع لأمره وتحمل المشقة في سبيله ـ يكون فعل المقدمة منشأ لاستحقاق الثواب. لكن لا من جهة امتثال أمره الغيري ، بل لكونه شروعا في امتثال التكليف النفسي الذي يزيد ثوابه كلما كان أشق وكان أمد الانقياد بمتابعته أطول ، كما يناسبه ما تضمن أن أفضل الأعمال أحمزها (١).
وعليه ينزل ما ورد في كثير من النصوص من ثبوت الثواب على مقدمات كثير من الطاعات. ولا يفرق في ذلك بين القول بوجوب المقدمة وعدمه.
والظاهر أن ذلك جار في جميع دواعي الطاعة المترتبة على التكليف ، كشكر المنعم ، وكونه أهلا للطاعة ، ومحبوبيته ، والتقرب منه ، فهي لا تقتضي فعل المقدمة لامتثال أمرها الغيري ـ لو قيل بثبوته ـ بل لكونه شروعا في امتثال الأمر النفسي الذي هو مورد الملاك والغرض الأصلي.
__________________
(١) بحار الأنوار ج : ٧٠ ص : ١٩١.