بالأسباب التوليدية.
كما أن ما ذكره المحقق الخراساني قدسسره من أن الغرض من وجوب المقدمة حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذي المقدمة ، بحيث يمتنع وجود ذي المقدمة بدونه ، مما لا يمكن البناء عليه ، لأن امتناع وجود الواجب بدون حصول شيء لا يقتضي وجوب ذلك الشيء ـ ولا الداعوية إليه ـ على إطلاقه بنحو يسري لجميع أفراده ، كي يتعين عموم المقدمة الواجبة لغير الموصلة ، بل يقتضي وجوبه ـ وكذا الداعوية إليه ـ في الجملة ، في مقابل السلب الكلي الذي لا يمكن وجود الواجب معه ، ولذا يصدق ذلك بالإضافة إلى الجامع بين المقدمة وغيرها ، فكما يصح أن يقال : لو لا الغسل لم تمكن الصلاة ، ومع عدمه يتعين عدمها ، كذلك يصح أن يقال : لو لا غسل البدن لم تمكن الصلاة ومع عدمه يتعين عدمها ، وكما أن الثاني لا يصحح وجوب مطلق غسل البدن مقدمة للصلاة ولو لم يتحقق به الغسل ، كذلك الأول لا يصحح وجوب مطلق الغسل ولو لم يكن موصلا للصلاة ، كما هو المدعى لهم.
وأشكل من ذلك ما يظهر منه ومن التقريرات من أنه لو سلم كون الغرض من وجوب المقدمة هو حصول ذيها إلا أنه لا يقتضي قصور المقدمة المطلوبة عن صورة عدم حصوله ، بل تقع على ما هي عليه من المطلوبية وإن لم يحصل ، لأن حصول ذي المقدمة جهة تعليلية ، وهي لا تقتضي تبعية المطلوب لها وقصوره عما لا يترتب عليه الغرض ، وإنما يختص ذلك بالجهة التقييدية لا غير.
إذ فيه : أن الجهة التعليلية لما كانت هي الغرض الداعي للطلب فعدم تبعية المطلوب لها سعة وضيقا خلف. غاية الأمر أن تبعية الطلب للغرض ـ الذي هو الجهة التعليلية ـ ليس بوجوده الواقعي ، بل العلمي ، فإذا اعتقد صاحب الغرض وفاء شيء به طلبه وإن لم يكن ذلك الشيء وافيا به واقعا. وبهذا تفترق الجهة التعليلية عن الجهة التقييدية التي يتبعها المطلوب بوجودها الواقعي.