للمدينة ، وما إذا أمكن ارتفاعه ، إما بتأثير المقتضي بأن يكون المقتضي رافعا له أولا وباستمراره يؤثر في المعلول ، كالرطوبة المانعة من إحراق النار للجسم إلا بعد تجفيفها له واستمرارها بعد التجفيف ، أو بتأثير غيره ، كغلق الباب المانع من دخول الحيوان له إلا بعد فتح الانسان له. وزوجية المرأة من شخص المانعة من زوجيتها من غيره ما لم ينفصل عنها الأول.
أما الضد فهو لا يصلح للمانعية من تأثير مقتضيه له ، لعدم واجديته للخصوصية المناسبة لذلك ، فلا يكون وجود أحد الضدين مفتقرا لعدم الآخر ، بحيث لا بد من عدم الضد في رتبة سابقة على وجود ضده. غاية الأمر أنه يمتنع اجتماعهما في الوجود ، إما للتنافر بين مقتضاهما بحيث يلزم من وجود المقتضي لكل منهما عدم المقتضي للآخر ، كالصلاة وإزالة النجاسة ، حيث يمتنع تعلق الإرادة ـ التي هي من سنخ المقتضي لهما ـ بهما معا في فرض قصور القدرة عن الجمع بينهما ، فيستند عدم كل منهما في ظرف إرادة الآخر ووجوده لعدم المقتضي له ، لا لمانعية وجود الآخر من تأثير مقتضيه فيه. وإما لمانعية مقتضي أحدهما من تأثير مقتضي الآخر ، كحركة الثوب المستندة للهواء ، وسكونه المستند لجاذبية الأرض. فمع وجود الهواء المقتضي للحركة لا يستند عدم السكون لعدم المقتضي ـ لبقاء قوة الجاذبية معه ، وإن كانت مغلوبة له ـ ولا للحركة ، بل لوجود الهواء المقتضي لها ، حيث يكون هو المانع من تأثير الجاذبية في السكون. ومع عدم الهواء يستند السكون للجاذبية من دون دخل لعدم الحركة ، فليس كل من الحركة والسكون مانعا من الآخر.
ومما ذكرنا يظهر أن قابلية الموضوع للعارض التي هي من أجزاء علته إنما تكون بخلوه عن الموانع التي يستند إليها عدم تأثير مقتضيه فيه ، لا بخلوه عن الأضداد ، وهي التي لا تجتمع معه من دون أن يستند إليها عدم تأثير مقتضيه فيه.