متعذر في المقام بالضرورة.
كما لا مجال للثاني ، لظهور الأدلة ـ طبقا للمرتكزات ـ في جعل الحكم على النحو الخاص بنفسه. كما أن التكليفي منه هو الموضوع للإطاعة والمعصية بمقتضى المرتكزات العقلائية ، والوضعي منه هو الموضوع للأحكام الشرعية في ظاهر الأدلة. بل لا معنى لجعل السببية دون الحكم بعد كونها نحو نسبة قائمة به وبالسبب.
ومن ثم يتعين الثالث ، وهو اختصاص الحكم بالجعل الاعتباري ، وكون السببية منتزعة منه. لكن لا بمعنى كونها منتزعة من الحكم بنفسه ، بل من الخصوصية القائمة به وبالسبب المستفادة من الكبرى الشرعية المتضمنة لجعله الراجعة لموضوعية السبب له. ومن ثم كانت السببية من سنخ الإضافة القائمة بالحكم والسبب معا ، نظير العلية في التكوينيات.
ومجرد انتزاعها هي والحكم من الكبرى الشرعية ـ كما تقدم من بعض الأعيان المحققين قدسسره ـ لا يقتضي جعلها اعتبارا مثله ، لما تقدم في الأمر الرابع من أن الإضافات القائمة بالأمور التكوينية أو الاعتبارية ليس لها وجود خارجي أو اعتباري في قبال منشأ انتزاعها ، نعم ، يصح نسبتها للجاعل بلحاظ جعله تشريعا لمنشا انتزاعها. كما أنها لا تستفاد من دليل الجعل إلا بلحاظ ذلك.
هذا ، وقد ذكر المحقق الخراساني قدسسره أنه لا مجال لانتزاع السببية ونحوها من الحكم ، لتأخر الحكم عن السبب فكيف يكون منشأ لانتزاع السببية له؟! بل هي تابعة لخصوصية تكوينية في ذات السبب ونحوه اقتضت دخله في التكليف بالنحو الخاص من دون أن تكون تابعة للجعل.
ويندفع بأن المدعى ليس هو انتزاع السببية للسبب من الحكم بما له من الوجود الخارجي الخاص المتأخر رتبة عن ذات السبب والمتفرع على سببيته