حضرهما شخصان يستطيع أحدهما إنقاذهما معا والآخر إنقاذ أحدهما فقط ، فتركاهما حتى غرقا ، فهل يمكن بعد التأمل في المرتكزات العقلائية البناء على أن عقابهما على نحو واحد ، لاشتراكهما في مخالفة التكليفين ، وإن كان التكليفان ثابتين في حق الأول في عرض واحد ، وفي حق الآخر بنحو الترتب.
وأيضا فالأمر الترتبي في المتزاحمين كما يجري في التكليفين المختلفي الأهمية ، يجري في التكليفين المتساويين ، كما سبق ، فهل يمكن الالتزام في صورة تعدد التكاليف ـ كتعرض سفينة فيها جماعة كبيرة للخطر ـ بأنه مع اختلاف قدرة المكلفين ـ من حيثية امتثال الكل ، أو البعض الكثير ، أو القليل ـ لو تهاونوا وعصوا في تمام التكاليف يتساوون في العقاب ، لأنهم عصوا كل تكليف مع فعليته في حقهم ، إما مطلقا ، أو مشروطا.
كما أنه هل يمكن الالتزام بأن المكلف إذا كان قادرا في الفرض على امتثال تكليف واحد لا غير ، فإن تميز أحد التكاليف بأهميته كان عقابه مع ترك الكل واحدا ، لوحدة التكليف ، وإن تساوت التكاليف كان عقابه بعدد الكل ، لفعلية كل منها في حقه وإن كان مشروطا بعصيان الباقي ... إلى غير ذلك من الفروض التي يزيد التأمل فيها استيضاح ما ذكرنا من عدم تعدد العقاب حتى بناء على ما هو الظاهر من ثبوت التكليف بنحو الترتب ، وأنه لا بد معه من البناء على وحدة العقاب ، وأنه لا يزيد على طاقة المكلف ، فيتداخل العقابان.
وعلى ذلك إن كان التزاحم بين تكاليف متساوية ولا طاقة إلا بامتثال واحد منها كان العقاب المستحق بقدر العقاب على واحد منها ، نظير الأمر التخييري الذي يستحق مع ترك امتثاله بترك تمام الأطراف عقاب واحد ، وإن اختلفا في أن وحدة العقاب في النظير لوحدة الغرض ، وفي المقام لعجز المكلف وقصوره عن استيفاء الغرضين معا.
وإن كان التزاحم بين تكاليف مختلفة الأهمية ، فحيث كان المرجوح