والمؤانسة ، دون مثل الهواء والماء ، فضلا عن مثل الأعراض والأفعال. وهكذا جميع الأمور الاعتبارية لا مجال لاعتبارها إلا مع قابلية الموضوع لها عرفا.
أما تضاد الأمور الاعتبارية فهو يبتني على تنافرها عرفا ، كتنافر الأمور الحقيقية خارجا.
فإذا رأى العرف تنافر الأمرين الاعتباريين ، بحيث يقتضي كل منهما بطبعه نحوا من الأثر لا يناسب ما يقتضيه الآخر ، كانا متضادين ، كالطهارة والنجاسة ، والحرية والرقية ، والوقفية والملكية ، وملكية الشخص للمال استقلالا وملكية الآخر له كذلك .. إلى غير ذلك. فإن الطهارة بنظر العرف ـ ولو بسبب الاعتبار الشرعي ـ معنى في الشيء يناسب ملابسته ، والنجاسة معنى يناسب التنفر عنه. والحرية معنى في الشخص يناسب إطلاق الأمر له واستقلاله في التصرف ، والرقية معنى فيه يناسب التحجير عليه وتقييده. وملكية الشخص للشيء علاقة تقتضي استقلاله بالسيطرة عليه ، فلا يناسب ملكية غيره له. وهكذا سائر الأمور الاعتبارية المتضادة.
وليس المراد بذلك أن الأمور الاعتبارية متقومة ب آثار خاصة لا تنفك عنها ، بل المراد أنها أمور مناسبة لبعض الآثار طبعا ، فتضاد ما لا يناسبها بطبعه ، وإن أمكن انفكاكها عنها في بعض الحالات ، فيجوز شرب النجس للضرورة ، ويجب اجتناب الطاهر في بعض الحالات ، ويكون العبد مستقلا في بعض التصرفات ، كما يكون الحرّ محجرا عليه في بعض التصرفات أو الأوقات .. إلى غير ذلك.
أما الأحكام التكليفية فهي متقومة بنحو اقتضائها للعمل فعلا ، ولا مصحح لجعلها بدونه ، وحيث كانت متنافية بطبعها في نحو الاقتضاء للعمل تعين التضاد بينها بأجمعها ، بحيث لا يمكن اجتماع حكمين منها بتمام