لأنه يكون من ضم الطاعة للمعصية في مقام الامتثال ، لا من التقرب بما هو مبعد الممتنع.
لكنه يشكل بأنه لا أثر لذلك في إمكان التقرب ، لأن الانقياد والتقرب والبعد والتمرد لا تتبع مقام الجعل وثبوت التكليف ، بل مقام الامتثال والعصيان اللذين يكونان بالمعنون الذي هو فعل المكلف المفروض في المقام وحدته ولو مع تعدد العنوان ، فيلزم التقرب بما هو مبعد.
ولذا يتعين امتناع التقرب بالفعل الموصل للحرام ، بحيث لا يتخلل بينهما الاختيار ، كما لو كانت الصلاة على السطح موجبة لتخلخله بحيث ينفذ فيه المطر ويسقط على من تحته من المؤمنين ، أو كانت سببا لغضب الظالم وقتله مؤمنا تحت يده ونحو ذلك. بلحاظ أن موضوع الحرمة في ذلك وإن كان مباينا لموضوع الوجوب في مقام الجعل ، إلا أن استناد الحرام فيه لفعل المكلف بنحو لا يعذر فيه موجب لصدق المعصية عليه وكونه تمردا على المولى ومبعدا منه ، وهو لا يجتمع مع التقرب به منه ، ليمكن قصده.
وقد حاول بعض المحققين قدسسره دفع ذلك فقال : «وأما التقرب بالمبعد فإن أريد به ما هو نظير البعد والقرب المكانيين بحيث لا يعقل حصول القرب إلى مكان مع حصول البعد عنه. ففيه : أن لازمه بطلان العمل حتى في الاجتماع الموردي نظرا إلى حصول القرب والبعد معا في زمان واحد. وإن أريد به سقوط الأمر والنهي وترتب الغرض وعدمه فلا منافاة بين أن يكون الواحد مسقطا للأمر حيث إنه مطابق ما تعلق به ، ومسقطا للنهي بالعصيان ، حيث إنه خلاف ما تعلق به ونقيضه. وكذا ترتب الثواب عليه من حيث إنه موجب لسقوط الأمر بإتيان ما يطابق متعلقه المحصل للغرض منه ، فإنه لا ينافي ترتب العقاب عليه من حيث إنه موجب لسقوط النهي بإتيان ما يناقض متعلقه المنافي لغرضه منه».