ومنها المجمع ـ بنحو البدلية مطلقا ولو كان الاضطرار بسوء الاختيار ، لما تقدم من امتناع التكليف مع تعذر امتثاله ، للزوم اللغوية. وحينئذ يلزم البناء على وجوب المجمع ، لأنه بعد فرض عدم تأثير ملاك النهي بسبب الاضطرار يتعين تأثير ملاك الأمر وفعليته.
لكن يظهر من المحقق الخراساني قدسسره امتناع الأمر مع كون الاضطرار بسوء الاختيار ، لكون الفعل حينئذ معصية ومبغوضا مستحقا عليه العقاب ، وذلك ينافي الأمر به ، لأنه فرع محبوبيته ، ومستلزم لكونه طاعة مستحقا عليه الثواب. وهو الفارق بينه وبين الاضطرار لا بسوء الاختيار.
ويشكل بأن مبغوضية الماهية من حيثية تفويت الملاك الأهم لا تنافي محبوبية خصوص المجمع بعد فوت الملاك المذكور ـ بسبب الاضطرار ـ من أجل تحصيل الملاك المهم ، فهو بعد الاضطرار محبوب فعلا وإن كان مبغوضا اقتضاء. ولا فرق بين الاضطرارين بالإضافة للملاك الذي هو المعيار في المحبوبية والمبغوضية ، والأمر والنهي. بل تقدم أن التكاليف الشرعية لا تنتزع من المحبوبية والمبغوضية ، بل من الخطاب بداعي التشريع ، وهو تابع لحال الملاك ، الذي لا يفرق فيه بين الاضطرارين ، كما ذكرنا.
وإنما الفرق بينهما في استحقاق العقاب على الحرام وعدمه. ولا دخل لذلك في إمكان الأمر ، إذ المؤاخذة على الحرام مع كون الاضطرار بسوء الاختيار لا تبتني على كونه حين وقوعه معصية فعلية ، كيف ولا إشكال في سقوط النهي قبل الفعل ، بل على كون إيقاع النفس في الاضطرار مصححا للعقاب عليه بلحاظ تفويت ملاك الحرمة به ، وهو لا ينافي الأمر به تبعا للملاك الآخر بعد فرض فوت الملاك الأهم بسبب الاضطرار ، فيقع امتثالا للأمر الذي صار فعليا بعد الاضطرار ، وإن كان فعل سبب الاضطرار منشأ للعقاب عليه ، لاستناد تفويت الملاك إليه.