الفساد.
وكيف كان فالصحة والفساد إنما ينتزعان بلحاظ ترتب الغرض المهم من العمل الداعي له وعدمه ، لا بمعنى مطابقتهما لهما مفهوما ، بل بمعنى كون الغرض المذكور معيارا في صدقهما ومصححا لانتزاعهما ، فالصحة تصدق مع تمامية الأجزاء والشرائط الدخيلة في الغرض المذكور ، والفساد يصدق مع عدم تماميتها ، فلو لم يكن هناك غرض مهم من العمل لم يصدق عليه الصحة والفساد. ومن هنا لا يتصف الإتلاف مثلا بالصحة بلحاظ ترتب الضمان عليه ، كما لا يتصف الأكل نسيانا من الصائم بالفساد بلحاظ عدم ترتب الإفطار عليه.
ومنه يظهر أن الصحة والفساد أمران إضافيان يختلف صدقهما باختلاف الأعراف تبعا للاختلاف في الغرض المهم من العمل ، كما نبه له غير واحد.
ولعله لذا حكي عن بعض المتكلمين تعريفهما بموافقة الأمر في الشريعة وعدمها ، وعن بعض الفقهاء تعريفهما بإسقاط الإعادة والقضاء وعدمه ، والخلاف بين التعريفين راجع للاختلاف في معيار الصدق ، لا للاختلاف في المفهوم. وإن كان الظاهر عدم اختصاص الغرض المهم للفقيه بإسقاط الإعادة والقضاء ، بل يعم غيره من الآثار الوضعية ، كالطهارة في الغسل ، والتذكية في الذبح ، والزوجية في العقد ، والبينونة في الطلاق ، وغيرها.
هذا ، وحيث عرفت أن الصحة والفساد وصفان للعمل منتزعان بلحاظ تماميته ومطابقته لموضوع الغرض المهم وواجديته لجميع ما يعتبر فيه وعدمها ، فمن الظاهر أن المطابقة وعدمها من الأمور الواقعية التي لا دخل للشارع فيها.
نعم ، ترتب الغرض المهم ـ كسقوط الإعادة والقضاء ـ على موضوعه تارة : لا يستند للشارع الأقدس ، بل يكون عقليا ، كسقوط الإعادة والقضاء في