ومن هنا كان الظاهر ابتناء اقتضاء النهي الفساد على مانعية النهي الفعلي من التقرب ولو مع إحراز الملاك ، بل ولو مع عموم الأمر لمورد النهي ، إما لإمكان اجتماع الأمر والنهي مع تعدد العنوان ، أو لعدم التضاد التام بين النهي والأمر البدلي. وقد تقدم تفصيل الكلام في الأمرين في المسألة السابقة.
ويترتب على ذلك أمور :
الأول : اختصاص اقتضاء النهي الفساد بما إذا التفت المكلف للنهي وكان منجزا بعلم أو حجة أو أصل. أما مع عدم تنجزه أو مع الغفلة عنه أو عن تنجزه ـ ولو تقصيرا ـ فيمكن التقرب به وجدانا. نعم قد يدعى عدم كفاية التقرب المذكور مع التقصير المصحح للعقاب ، وهو يبتني على تحديد التقرب المعتبر في العبادة الذي هو بالفقه أنسب. كما أنه لا يختص بالنهي الواقعي ، بل يجري مع اعتقاده خطأ أو احتماله بوجه منجز ولو مع عدم وجوده.
وهذا بخلاف ما لو كان مبنى المسألة الوجه الأول ، لوضوح التنافي بين الأمر والنهي بوجودهما الواقعي ولو مع عدم تنجزهما ، ولا أثر لتنجزهما فيه.
الثاني : اختصاص الاقتضاء بالنهي التحريمي ، دون التنزيهي ، لما تقدم في العبادات المكروهة من عدم مانعيته من التقرب. بخلاف ما لو كان مبنى المسألة هو الوجه الأول ، لعموم التنافي للنهي التنزيهي. إلا مع إمكان امتثال الأمر بغير مورد الكراهة ، لما تقدم عند الكلام في تضاد الأحكام من عدم التضاد أصلا بين الكراهة والأمر حينئذ.
الثالث : عموم اقتضاء النهي الفساد لمقدمة الحرام المأتي بها بقصد التوصل للحرام ، أو التي يترتب عليها الحرام قهرا ، لكونها حينئذ تمردا على المولى ، فلا يمكن التقرب بها ، كما تقدم عند الكلام في مقدمة الحرام في ذيل مبحث مقدمة الواجب. بخلاف ما لو كان مبنى المسألة هو الوجه الأول ، لأن