عليه ومبغوضيته شرعا ـ ولذا حرمه ـ كيف يمكن جعله من قبله وحكمه بترتبه؟! ، بل يتعين عدم حكمه به ، الراجع لفساد المعاملة.
وقد يدفع ذلك بإرجاع النهي في مثل ذلك إلى المؤثر ـ وهو المعاملة ـ لأن الأثر ليس فعلا للمكلف ، لا بالمباشرة ولا بالتسبيب ، لعدم كون سببية السبب ذاتية ، بل هو تابع لاعتبار الشارع الخارج عن اختيار المكلف ، فيمتنع نهي المكلف عنه ، ويتعين رجوع النهي للنهي عن إيجاد المعاملة بنفسها ، لأنها الفعل الاختياري له ، فيلحقه حكم الصورة الأولى.
وفيه : أن ذلك وإن تم ، إلا أنه لا يفي بدفع الإشكال بعد فرض أن موضوع المفسدة والمبغوضية هو الأثر ، وأن ورود النهي على المعاملة ليس إلا لكونها الأمر الاختياري الموصل له في الجملة ، إذ كيف يجعل الشارع الأثر مع ذلك؟!
ولعل الأولى دفعه ـ مضافا إلى أن لازمه البطلان مع كون النهي تنزيهيا ، لمشاركته للتحريمي في كونه ناشئا عن مفسدة وإن لم تقتض الإلزام في حق المكلف ـ بأن الحكم وإن كان ذا مفسدة ومبغوضا للحاكم ، إلا أنه يمكن اختلاف حاله قبل وجود الموضوع عن حاله بعده ، ولو لتجدد المزاحم لتلك المفسدة ، فإن ذلك يقتضي مبغوضيته قبل وجود الموضوع ـ كالمعاملة في المقام ـ بنحو يوجب النهي عن إيجاده فرارا عن تحقق المزاحم الملزم بجعل الحكم وإن لزمت المفسدة. ولذا لا يكون النهي عن إعطاء الأمان منافيا ارتكازا لنفوذه ، دفعا لمفسدة التغرير بالمستأمن وخديعته.
ونظيره في الأحكام الشرعية غير المعاملات تحريم تنجيس المسجد الراجع للنهي عن إيجاد سبب النجاسة بلحاظ سببيته لها لا لذاته ، مع الحكم بها بعد تحققه ، وتحريم إقرار ذي اليد بما تحت يده لغير المالك بلحاظ كونه