و(كفاية الأصول) تأليف العلم الباني على تلك الأسس المحقق الخراساني قدسسره وهو الكتاب الذي يستوعب بجزئيه دورة أصولية كاملة بعمق واختصار.
وقد عالج الكتابان مشاكل علمية سابقة ، وتضمنا مطالب جديدة ، وأرسيا قواعد جليلة ينهض عليها علم الأصول الحديث ، وأديا دورا خطيرا مشكورا في خدمة الحوزة دراسيا وعلميا ، وصارت مطالبهما مدار البحث والتحقيق في مدة تقرب من قرن ونصف للكتاب الأول وقرن للكتاب الثاني.
غير أن تطور العلم في هذه المدة الطويلة بفضل أعلام التحقيق الذين برزوا في الساحة يفرض الحاجة لكتاب يخلفهما يتناسب مع ذلك التطور المشرّف ، ويحاول التخلص من سلبيات الكتابين ، وأهمها عدم تناسبهما في العرض ، وعدم وفاء الكتاب الأول بدورة أصولية كاملة ، والاختصار المشفوع بالتعقيد وغموض البيان في الكتاب الثاني.
وكانت وجهة نظرنا أن نجاح مشروع التجديد بعد غياب القرار المركزي في الحوزات يخضع لعوامل كثيرة وملابسات معقدة لا تتسنى السيطرة عليها ولا الإحاطة بها ، قد يكون أهمها خلوص النية مع الله تعالى الذي منه فيض التوفيق والتسديد ، وليس من السهل صرف الوقت الثمين والطويل وبذل الجهد المضني لتأليف كتاب لو وفق صاحبه فيه وكان صالحا للتدريس فإنه لا يضمن ترتب الغرض المطلوب عليه واقتناع الحوزة بإدخاله في مناهجها ، ليسدّ الحاجة القائمة.
غير أن فكرة وجود هذا الكتاب مع كل ذلك بقيت تراودنا ونتمنى التوفيق للعمل لها ، ليكون الكتاب في متناول الطالب عسى أن يقتنع به من يقتنع وينتفع به من ينتفع ، ونكون قد أدينا ما علينا ، ويبقى ما على الله تعالى الذي بيده كل شيء وإليه يرجع الأمر كله.