العقود والإيقاعات. وقد وقع الكلام في منشأ الفرق بين الاستعمالين وحقيقته.
ويظهر من المحقق الخراساني قدسسره اتحاد المعنى في الاستعمالين ، وأن الفرق بينهما ينحصر في اختلاف الداعي للاستعمال ، فهو في أحدهما الحكاية عن المعنى ، وفي الثاني إنشاؤه وإيجاده اعتبارا ، بل قد يظهر منه تعدد الوضع للمعنى الواحد بلحاظ اختلاف الداعي.
ويشكل بما هو المعلوم من استعمال صيغة الماضي والجملة الاسمية في الإنشاء مع تجرد الأولى عن الخصوصية الموجبة للدلالة على الماضي ، والثانية عن الخصوصية الموجبة للدلالة على الثبوت ، حيث يتحقق الأمر المنشأ في خصوص الزمان المتصل بالكلام. فإن ذلك كاشف عن اختلاف ما يستعمل فيه الكلام عند الإنشاء عما يستعمل فيه في مقام الحكاية ، بل الأمر كذلك حتى مع الإنشاء بصيغة المضارع ، لوضوح دلالتها في مقام الحكاية عن تحقق النسبة في مطلق الزمان المستقبل ، لا خصوص المتصل منه بالكلام.
ومن هنا كان الظاهر اختصاص الهيئات المذكورة وضعا بالأول ، وهو إيجاد النسب بداعي الحكاية عما يصحح انتزاعها بالخصوصيات الزمانية المذكورة ، لأن ذلك هو المتبادر منها. وأما استعمالها في مقام الإنشاء فهو مبني على القرينة والتوسع ـ بعد عدم وجود أداة كلامية صالحة له وضعا ـ مع تجريدها عما يناسب الخصوصيات الزمانية المذكورة. وأما تحقق المنشأ في الزمن المتصل بالكلام فليس ناشئا من أخذه في مؤدى الكلام ، بل لأن مقتضى طبع السبب تأثيره للمسبب بالمباشرة من دون فصل. ولذا قد يخرج عن ذلك بالتقييد ، والتعليق ، كما في الوصية التمليكية والتدبير ، حيث يكون التمليك والعتق فيها معلقا على موت الموصي والمدبّر.
وأما احتمال تعدد الوضع فلا مجال له بعد احتياج الاستعمال في مقام