والعناية فيه أشد كان أولى بالمنع.
فالعمدة في المقام هو الوضع التعيني حيث يقرب حصوله في غالب الألفاظ المذكورة ، بأن استعملت أولا في المعاني الجديدة ، إما مجازا لمناسبتها للمعاني الأصلية ـ كالزكاة ـ وإما لأنها من أفراد المعاني الأصلية ـ كالصوم والأذان ـ ثم اشتهرت فيها حتى انصرفت إليها بعد مدة وجيزة في عرف الشارع الأقدس وتابعيه ، بسبب كثرة الاستعمالات منهم ، وأنس أذهانهم بالمعاني الجديدة بسبب الحاجة إليها دون المعاني الأصلية ، إذ يبعد مع ذلك عدم تحقق النقل في عرفهم ، بحيث يحتاجون في تفهيم المعاني الجديدة إلى تكلف القرائن الخاصة. غاية الأمر أن يبقى المعنى الأصلي معروفا عند غيرهم ممن لا يبتلي بالمعاني الجديدة. على أنه لا يبعد هجره عند الكل بعد ظهور الإسلام في بلاد العرب وانتشاره في أواخر عصره صلىاللهعليهوآله.
هذا ، وقد ادعى المحقق الخراساني قدسسره الوضع للمعاني الشرعية بحسب أصل اللغة في كثير من الوظائف ، كالصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها ، لما تضمنته كثير من الآيات والنصوص من تشريعها في الشرائع السابقة.
لكنه إنما يقتضي ثبوت تلك المفاهيم في الشرائع السابقة ـ وإن اختلف ما عندنا عما عندهم في الخصوصيات المصداقية ، نظير اختلاف المصاديق عندنا في مثل القصر والتمام ـ ولا يقتضي تسميتها بالأسماء المخصوصة ، بل هو مقطوع بعدمه بعد اختلاف اللغة.
نعم ، لو ثبت بقاء معروفيتها بين أهل تلك الشرائع حتى اختلطوا بالعرب ، وألفها العرب بسببهم ، وعبروا عنها بالألفاظ المذكورة اتجه ذلك.
لكن لا طريق للجزم به إلا في مثل الحج والعمرة وغسل الجنابة والمسجد ونحوها مما ثبت في شريعة إبراهيم الخليل عليهالسلام وأخذه العرب منها.