الناقد شبيهة بعمل عالم الآثار الذي يستطيع من خلال القطعة الأثرية أن يحدّد الزمان الذي تنتمي إليه هذه القطعة من خلال الأدلة والبراهين التاريخية.
هذه بعض إيجابيات هذه النظرية ، ولا يعني كلامنا هذا أنّ هذه النظرية خالية من السلبيات. نعم ، هناك بعض السلبيات التي سنذكرها لاحقاً.
وتعدّد القراءات شبيهٌ بالتأويل الذي يقول به أتباع مدرسة أهل البيت عليهمالسلام وإن كان مرفوضاً من قبل المدارس الإسلامية الأُخرى ، فالتأويل هو نوع من تعدّد القراءات ، وهو أمرٌ إيجابيٌ إذا كان خاضعاً لضوابط وقوانين تحكمه ، أمّا إذا كان بشكل عشوائي وغير مستند إلى البراهين والأدلة ، وكان بشكل سائب ، يكون بلا شك أمراً سلبياً مضرّاً بفهم النص.
فتعدّد القراءات هو تجاوز القشور في النص ، والغوص في أعماق النص كي يستخرج منه المعاني المكنونة في بواطنه.
نعم ، البعض يرمي مذهب أهل البيت عليهمالسلام أنّه مذهبٌ باطني وغنوصي ; لأنَّ هؤلاء يرفضون فكرة التأويل جملة وتفصيلا ، وهذا خطأ.
نعم ، لو طالب هؤلاء بإيجاد أُسس وموازين لهذا التأويل لاتّفقنا معهم ، وهؤلاء يقرّون بجدارة المدرسة الهرمونطيقية ، ولكنّهم حين يأتون إلى التأويل يرفضونه مع أنَّ الأمرين يحملان نفس المعنى ; ولهذا فهم يناقضون أنفسهم بأنفسهم.
والتأويل مثبت في القرآن الكريم ، قال تعالى :
( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الاَْلْبَابِ ) (١).
__________________
١ ـ آل عمران (٣) : ٧.