ورفع شارات الأفراح ، ولكن نوّح غدرت بهم ، فتداعت عليهم وهزمتهم ، وقتلت ثلاثين ، وأسرت ثلاثين ، وفرّ الباقون ، وكانت معدّاتهم غنيمة لنوّح ، وفي ذلك يقول شاعرهم :
يا حجر ريضي وارقبي واستامني |
|
ما داموا اصحابش يديرون النّقوس |
إلا ان بغيتي اليافعي من خاطرش |
|
أنا عليّ العقد وامسي له عروس |
والمراد بالنقوس : البارود.
ولمّا لم يكن لهم ذرع بالمطاولة ، وكان السّلطان عوض قويّ العزيمة ، شديد الشّكيمة ، لا تنفسخ له نيّة من هزيمة .. أخذ يوالي الزّحوف ، ويبذل الألوف (١) ، ويشتري ما يقدر عليه من الضّمائر بواسطة السّادة ، حتّى انقطعت أسباب نوّح ، وتعطّلت معايشهم ، فنجعوا لتحكيم السّيّد حسين بن أحمد العطّاس ـ صاحب (عمد) ـ والسّيّد أحمد بن حسن العطّاس صاحب حريضة (٢).
وفي ذي القعدة من سنة (١٣٢٨ ه) توجّه السّيّدان ـ وكان الأوّل محمولا على الأعناق ؛ لضعفه وكبر سنّه ـ فحكما بأنّ جميع وادي حجر ونواحيه ـ كنينة ومحمدة ويون وما تعلّق بها ـ يكون تحت سلطنة السّلطان عوض بن عمر وأولاده : غالب ، وعمر ، وصالح ، وما تناسلوا.
فلهم سلطان الأرض ، ولنوّح إعفاء أموالهم الخاصّة من جميع الرّسوم الدّوليّة ،
__________________
(١) وقد استمر في المناوشات مدة تقرب من (١١) أحد عشر عاما ، من (١٣١٧ ه) إلى (١٣٢٨ ه) حين تم التّحكيم.
(٢) ومثله في «الشّامل» (ص ٨١) ، وحاصله : أنّه عقب هزيمة الجيش القعيطيّ في وقعة (حوته) سنة (١٣١٧ ه) غضب السلطان غالب ممّا حدث ، حتّى أنّه طرد بعض القوّاد من الجيش ، أمّا والده السّلطان عوض .. فلم يعلم بما جرى إلّا بعد مدّة ، ولمّا رجع السّلطان عوض إلى الهند .. كان ابنه غالب والوزير السيد حسين بن حامد يدبّرون لضرب أهل حجر ، فكان غالب يذهب إلى ميفع ويزعج أهلها ، ويرهبهم ويرجفهم ، فلمّا استمرّ عليهم هذا الحال .. ضاقوا ، ورغبوا في الصّلح ، فتوسّط السّادة آل العطّاس.
قال السّيّد علويّ : طلع شيخنا ـ يعني الإمام أحمد بن حسن العطّاس ـ ومن معه من كبار آل العطّاس ، وكاتبوا بوادي نوّح ، فأقبلوا في عدد منهم إلى المكلّا ، وتمّ الصّلح على سلامة أنفسهم وأموالهم ومنازلهم ، وكان ذلك سنة (١٣٢٩ ه) اه