أيّام ، وفي الخامس أو السّابع اجتمعوا بملك الحجاز ونجد ورأوا من بشره وإكرامه أكثر ممّا يؤمّلون ، وقدّموا له مطيّة على سبيل الهديّة اشتروها عمّا يقولون بثلاث مئة ريال ، لكنّه بعيد ؛ لأنّ إبلهم لا تبلغ ذلك ولا نصيفه ، وبعد اجتماعهم به أجروا عليهم حكم الضّيافة ، وطلبوا منه أن يديم الإذن لهم بالإقامة في مشارف نجران ، فأحالهم على ما يرى فيه المصلحة أميرها ، ودفع لكلّ من الرّئيسين أربعين ريالا ، ولكلّ واحد ممّن سواهم عشرين ، مع ما يلزم من الزّاد ، ولمّا عادوا إلى نجران .. أبقاهم أميرها مدّة ، ثمّ طردهم ، فعادوا إلى عيوه ، هكذا أخبرني عنهم امبارك بن يسلم بن زيمة بن امبارك العوينيّ.
وكما رفعوا ثمن ناقتهم إلى ما لا يقبله العقل .. كتموا ـ فيما أرى ـ بعض ما أعطاهم الملك ؛ لأنّ ذلك النّزر لا يتّفق مع ما سارت به من سماحته الرّكبان وضربت الأمثال ؛ فهو الّذي :
يهمي النّدى والرّدى في راحتيه فلا |
|
عاصيه ناج ولا راجيه محروم |
وعدد الصّيعر لا يزيد عن ألفي رام ، وقد عاهدهم الضّابط السّياسيّ الإنكليزيّ انجرامس منذ أحد عشر عاما معاهدة اعترف لهم باستقلالهم ، وأنّهم ليسوا تبعا لأحد من سلاطين حضرموت ، وعلى أن لا رسوم عليهم في بلادهم ، وعلى أنّ العبر من حدودهم ، كذا أخبرني من اطّلع على المعاهدة (١).
__________________
(١) قام انجرامس بزيارة المناطق الحدودية عام (١٩٣٤ م) تقريبا ، وقام بتحديد القبائل التي تتبع القعيطي والتي تتبع الكثيري ، وقرر أن تكون القبائل القاطنة في المناطق الحدودية تابعة للقعيطي وخاصة قبائل الصيعر والكرب.
والسبب في ذلك : هو اتفاقية عدن عام (١٩١٨ م) ، التي حددت الأراضي التابعة للكثيري بشكل دقيق ، بينما أعطت للقعيطي الحق في التوسع.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) عام (١٩٣٦ م) وجّه انجرامس أنظار السلطان القعيطي إلى أهمية توسيع نفوذه إلى قبائل حضرموت النائية ، كما حضّ حاكم شبام القعيطي للقيام بهذا التوسع ، وناقش معه احتمالات إقامة حامية للقعيطي في حصن العبر.
أما الاتفاقية أو المعاهدة التي أشار إليها المؤلف .. فتعرف باسم : اتفاقية انجرامس للسلام مع قبائل حضرموت كتبت عام (١٩٣٧ م).