وما كان الخليسيّ مع أصحابه في المراجعة إلّا كدريد بن الصّمّة (١) في الحادثة الّتي غزا فيها بني كعب بن الحارث بنجران فتبعوهم وقتلوا أخاه عبد الله (٢) في حبونن (٣) واستردّوا منهم ما أخذوا ، وفي ذلك يقول قصيدته الّتي منها [من الطّويل] :
بذلت لهم نصحي بمنعرج اللّوى |
|
فلم يستبينوا النّصح إلّا ضحى الغد |
وما أنا إلّا من غزيّة إن غوت |
|
غويت ، وإن ترشد غزيّة أرشد |
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا |
|
فقلت أعبد الله ذلكم الرّدي؟! |
لئن كان عبد الله خلّى مكانه |
|
فلا طائشا خلو الجنان ولا اليد |
وفي أرض الصّيعر بئر يقال لها : منوخ ، فيها ماء ، إلّا أنّه ينضب عند قلّة الأمطار (٤) ، وهذه البئر في منطقة يقال لها : منوخ.
__________________
(١) هو دريد بن الصمّة الجشمي البكري ، من هوازن ، من الأبطال الشعراء ، عمر في الجاهلية ، قتل يوم حنين على جاهليته سنة (٨ ه) ، ولم يسلم ، وكانت هوازن خرجت به معها لقتال المسلمين ، وكان قد عمي ، فأدركه ربيعة بن رفيع السلمي فقتله ، وأخباره كثيرة. «الأعلام» (٢ / ٣٣٩).
(٢) كان مقتل عبد الله بن الصمة بخليف دكم بأعلى حبونن ، قتله بنو الحارث بن كعب ، وفيه يقول أخوه دريد
تنادوا فقالوا : أردت الخيل فارسا |
|
فقلت : أعبد الله ذلكم الردي؟ |
وقتل به أخوه دريد : ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب ، وقال :
قتلت بعبد الله خير لداته |
|
ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب |
«الصفة» (٣٠٥) ، «الاشتقاق» (٢٩٢).
(٣) حبونن : قال الهمداني : (وهو واد يغيب من بلد يام من سنحان (سمنان) ، وهي كثيرة الأرطى ، وبه بئر زياد الحارثي ، جاهلية). وقال الحجري : (بلدة في نجران يسكنها قبائل من يام ثم من مواجد ، وفيها حصن العان من حصون نجران أيضا). وهو عند ياقوت بلفظ : حبونى ، بألف مقصورة. «الصفة» (٣٠٥) ، «البلدان اليمانية عند ياقوت» (٨٨).
(٤) تقع بئر منوخ في منطقة منوخ الواقعة في الجنوب الشرقي لوادي عيوه.
وفي غربي هذه المنطقة على بعد (٥٥) ميلا تقع منطقة زمخ ، وبها بئر ، وبها مركز حربي بنته الحكومة القعيطية يبعد عن مركز العبر نحو (٣٧) ميلا ، وفي شمال زمخ رمال الدهناء أو الربع الخالي.
وقد كانت زمخ ومنوخ وثمود تشكل مركزا تجاريا مرموقا ، ولكن أفناها ما أفنى القرون الماضية. يراجع «الشامل» (١٢١ ـ ١٢٣).