والتّحذير من الشّرّ أحد أمور ستّة تستباح بها الغيبة من دون خلاف ، وزاد صاحب «الأنوار» سابعا : وهو النّصيحة العامّة ، ولكن قال ابن حجر : إنّه داخل تحت التّحذير من الشّرّ ، ونقل عن المحقّقين : أنّه لا يجوز للمؤرّخ أن يذكر من المساوىء إلّا ما يقدح في العدالة ؛ لبيان الجرح .. إلخ ما ذكر.
ولئن قصّرت في شيء من ذلك في حقّ من يخشى به الاغترار .. فلخطر المقام ، وأنا أستغفر الله ، وأرجو أن يكون فيما أذكره بهذا الكتاب وغيره من الكتب والأشعار والخطب ما يكفي للخروج من الحرج.
وأمّا في المدح .. فكيف لا أخاف وأنا لا آمن مع الاحتياط فيه التّسوّر على الغيب ، والثّناء بالأمور القلبيّة ـ وفيه ما فيه ـ إذ لم تتوفّر القرائن من الإثم والعيب ، وعسى أن يكون لي مخرج ممّا قرّرته في الجزء الأوّل من «الأصل» في مبحث الثّناء ، وقد زادني خوفا : ما جاءني في مكاتبة من شيخ مشايخنا العلّامة الجليل عبد الله بن حسين بلفقيه من قوله : (فأماثل البلد عندنا لم يبلغوا العشرة) اه
ومتى كانت تريم وهي مهد العلم ووكر الولاية لا يبلغ الأماثل ـ فضلا عن العدول ـ بها في ذلك العصر الطّيّب عشرة ، فما بالك بما سواها؟ ، وتأكّد ذلك بما جاء في حكم (١) بتاريخ سنة (١٢٧٦ ه) من قاضي تريم لذلك العهد الشّيخ سعيد بن أحمد بن سعيد الكبيّر : أنّه قبل شهادة سيّدي عيدروس بن علويّ بن عبد الله العيدروس في دعوى للسّيّد عوض بن عمر بن أحمد الشّاطريّ (٢) ، وقال : لأنّه من الأماثل.
ولم يقل : من العدول.
وذكر غير واحد من الثّقات : أنّ الحبيب عبد الله بن حسين بن طاهر شهد مرّة برؤية الهلال لدى القاضي ، ولمّا أراد العمل بشهادته .. قال له : تمكث حتّى أخبرك بحالي وفعلي ؛ فربّما ترى فيه ما يسقط شهادتي ؛ فإنّي كنت أخرج إلى بعض الآبار وهناك
__________________
(١) أي : حكم قضائي.
(٢) توفي السيد عوض بتريم سنة (١٣٢٥ ه) ، وهو الجد الأول للعلامة أحمد بن عمر بن عوض ..
مؤلف «الياقوت النفيس» ، وهو شقيق السيد أحمد بن عمر جد العلامة عبد الله بن عمر الشاطري.