وفيها غرفة تجاريّة تراعي أغراض التّجّار وتقدّمها على مصالح الشّعب.
وفيها إدارة للقضاء ، ومجلس عال ، لكنّ ذلك المجلس العالي هو أكبر حجار العثار في طريق العدالة!!
فالحقوق مهضومة ، والحقائق مكتومة ، وطالما رفعت إليّ أحكام ذلك المجلس .. فإذا بها شرّ ممّا نتألّم منه بسيئون ؛ وذلك أنّ وزير الدّولة الّذي يقولون له : (السكرتير) ـ وهو الشّيخ سيف أبو عليّ ـ جعل كلمة ذلك المجلس النّهائيّة لا معقّب لها بحال ، فسقطت عنه مؤنة التّحفّظ ، ولم يحتج إلى مراجعة الكتب ؛ إذ هو في أمان من النّقض ، والشّعب ميت ، والخاصّة نفعيّون يتساكتون.
وإلّا .. فلو احتجّوا لدى السّلطان .. لعدّل الأمر ؛ لأنّه يكره الجور.
أمّا الآن .. فإنّ المجلس يفعل ما يشاء بدون رقيب ؛ فبعد أن ينشق الخصوم إنشاق الخردل .. يصكّهم (١) بتلك الأحكام ـ المضحكة المبكية ـ صكّ الجندل (٢).
ولله درّ العبسيّ في قوله [في «البيان والتبيين» ١ / ١٦٤ من البسيط] :
إنّ المحكّم ما لم يرتقب حسبا |
|
أو يرهب السّيف أو حدّ القنا .. جنفا |
ودفاتر التّسجيل شاهدة بصدق ما أقول ، لا تخفى على من له أدنى إلمام بالفقه.
وفي الحفظ عن «جمع الجوامع» : (أنّه لم يقع أن قيل لنبيّ من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم : احكم بما شئت ففيه الصّواب ، وإنّما الاختلاف في الجواز) (٣).
__________________
(١) يصكّهم : يضربهم.
(٢) الجندل : الحجارة.
(٣) ما عناه المصنّف صحيح ، ونصّ عبارة «جمع الجوامع» : (مسألة : يجوز أن يقال لنبيّ أو عالم : احكم بما تشاء فهو صواب. ويكون مدركا شرعيّا ، ويسمّى التّفويض. وتردّد الشّافعيّ ، قيل : في الجواز ، وقيل : في الوقوع. وقال ابن السّمعانيّ : يجوز للنّبي دون العالم. ثمّ المختار : لم يقع) اه
فالجمهور على عدم الوقوع مطلقا ، وخالفهم موسى بن عمران من المعتزلة فقال بالوقوع ؛ مستندا