وقد أطلقنا عليه لقب السّلطان ؛ لأنّه به حقيق في اتّساع ملكه ، وامتداد نفوذه ، وفي «الأصل» بسط الكلام عمّن يسمّى سلطانا ومن لا يسمّى.
ونزيد هنا قول الإمام الرّازيّ في تفسير قوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) وهو أنّ : (من ملك بلدا صغيرا لا يحسن فيه أن يقال فيه : جلس على العرش ، وإنّما يحسن ذلك فيمن ملك البلاد الشّاسعة ، والأقطار الواسعة. فالعرش والكرسيّ لا يكونان إلّا عند عظمة الملك) اه
وهو لا يخرج عمّا هناك.
وللسّلطان عوض محاسن جمّة ، ومناقب مهمّة ، وقد حجّ في سنة (١٣١٧ ه) ، وأظهر من التّواضع والخضوع ما يدلّ على قوّة دين ، وصحّة إيمان ، وأكرمه الشّريف عون الرّفيق (١) ، وأعاد له الزّيارة ، فأدركته عنده نوبة صرع ، فانزعج القعيطيّ ، وظنّها القاضية ، حتّى هدّأه أصحاب الشّريف ، وقالوا له : إنّما هي عادة تعتاده من زمن قديم ، وقدّم للشّريف هدايا طائلة.
ومع قرب سفره .. طلبوا منه معونة لإجراء سكّة الحديد بين الشّام والمدينة ، فدفع لهم ثلاثين ألف ربيّة ، فأرجعوها إليه استقلالا لها ، فركب إلى المدينة على وعد الرّجوع إلى جدّة ، ثمّ سار إلى الشّام ، وكان آخر العهد به ، وسلمت الثّلاثون ألف.
وقد سبق في حجر أنّه تعلّق بأستار الكعبة وتاب من كلّ سيّئة إلّا من فتح حجر وحضرموت.
__________________
(١) عون الرّفيق باشا بن محمّد بن عبد المعين الحسنيّ ، شريف مكّة (١٢٥٦ ـ ١٣٢٣ ه) ، ولد بمكّة ، وناب في إمارتها عن أخيه الشّريف حسين ، ولي مكّة سنة (١٢٩٩ ه) ، وكان جبّارا طاغية ، وتنتابه نوبات صرع ، صنّف فيه بعض السّادة رسالة سمّاها «ضجيج الكون من فظائع عون» سنة (١٣١٦ ه) ، ولأحمد شوقي فيه قصيدة أنشأها سنة (١٣٢٢ ه) ؛ في حادثة جرت آنذاك ؛ مطلعها :
ضجّ الحجيج وضجّ البيت والحرم |
|
واستصرخت ربّها في (مكّة) الأمم |
«خلاصة الكلام» (٣٢٧) ، «مرآة الحرمين» (١ / ٣٦٦) ، «الأعلام» (٥ / ٩٨).