زاد على ذلك شيئا .. فما هو إلّا كرم الضّيافة ، حسبما قلت له في القصيدة الآتي خبرها في أحوال سيئون السّياسيّة (١) [من البسيط] :
ملكت قسرا قلوب النّاس قاطبة |
|
بخفّة الرّوح والأخلاق والحيل |
وبالكلام الّذي نيط القبول به |
|
مع العناق لدى التّوديع والقبل |
وإنّما قلت : من جهة ؛ لأنّ الجور في بعض الأماكن ؛ كوادي الأيسر لعهده تكاد تنشقّ الأرض منه ، وتخرّ الجبال هدّا ، ومفاسد الاستبداد إذ ذاك فوق التّصوّر.
فإنكاري على عمّال الحكومة القعيطيّة جدّ شديد في جورهم وتنكّرهم للمناصب ولرؤساء يافع وآل تميم وآل كثير وغيرهم من حلفاء السّلطان القعيطيّ وأشياعه.
وقد كان السّبب الأكبر في سقوط دولة آل مروان : إدناء الأعداء ، وإبعاد الأولياء ؛ إذ صار الوليّ عدوّا بالإقصاء ، ولم يعد العدوّ وليّا بالتّقريب.
وقد اتّفق أنّ بعض العمّال في سنة (١٣٦٦ ه) أخذ أهل دوعن بالشّدّة والعنف ، وحاول أن يضغط على سيبان وآل العموديّ والسّادة ، ولم يدر أنّ الضّغط يورث الانفجار ، فكانت النّتيجة أن تحالفت بطون سيبان من نوّح والحالكة والخامعة والمراشدة والقثم وآل باخشوين وآل باعمروش وآل نهيم ، ودخلت معهم الدّيّن وناس من الحموم على إعلان الثّورة عندما يريد أحدهم عمّال الحكومة بالظّلم ، وتعاقدوا أن لا يجيبوا باغي هضيمتهم إلّا بألسنة البنادق ، وقالوا بلسان حالهم :
إذا الملك الجبّار صعّر خدّه |
|
مشينا إليه بالسّيوف نخاطبه (٢) |
__________________
(١) ومناسبتها : توقيع معاهدة عدن سنة (١٣٣٧ ه) الّتي تقدّمت الإشارة إليها.
ومطلع القصيدة :
أهلا وسهلا بمن وافى وموضعه |
|
منّي وإن لمت فوق الرّأس والمقل |
ابن المحاضير من طابت شمائله |
|
ولم يحل قطّ عن ودّي ولم أحل |
وهي غرّاء كبقيّة قصائد ابن عبيد الله رحمه الله.
(٢) البيت من الطّويل ، وهو لبشّار في «ديوانه» ، وفي «الدّيوان» : (نعاتبه) بدل (نخاطبه). وصعّر خدّه : أماله عنّا من الكبر.