وعقدوا بينهم عهدا وثيقا وحلفا أكيدا ، من قواعده : أن لا وفاء ولا بياض وجه لمن تأخّر عنه أو خاس به إلّا دفع ألف ريال وقتل أحد أقربائه على عوائدهم الجاهليّة.
وكان ذلك أواخر سنة (١٣٦٦ ه) ببضه ، وشهده الفاضل السّيّد علويّ بن محمّد بن أحمد المحضار ، وأبو بكر بن حسين المحضار ، وأحد السّادة آل البار.
فلم يكن من الحكومة إلّا أن عزلت ذلك وعملت بسياسة معاوية بن أبي سفيان ؛ إذ يقول : (لو كانت بيني وبين النّاس شعرة .. لم تنقطع ؛ لأنّهم إن شدّوا .. أرخيت ، وإن أرخوا .. قبضت) (١) ، ونعمّا فعلت الحكومة بذلك ؛ لأنّه إذا التقى السيفان .. ذهب الخيار ، ولكن الصّيف ضيّعت اللّبن ؛ إذ لم يكن إلّا بعد أن خسرت من الهيبة ، وفقدت من الأبّهة ما لا يمكن تلافيه إلّا بتحمّل منّة تتفسّخ منها القوائم لحكومة عدن ، مع أنّها كانت في غنى عن ذلك ؛ لانعقاد القلوب على محبّة السّلطان ، لعفّته عن أموال النّاس .. فلا يحتاج إلى العنف إلّا اللّثام الّذين لا يصلحهم غيره.
ووضع النّدى في موضع السّيف بالعلا |
|
مضرّ كوضع السّيف في موضع النّدى (٢) |
ولو أنّ عمّال القعيطيّ سايسوا الكرام من سيبان والعموديّ بالرّفق .. لاستقام الحال ، وانحلّ الإشكال ؛ إذ الكرام كما قال الأوّل :
قوم إذا شومسوا لجّ الشّماس بهم |
|
ذات العناد وإن ياسرتهم يسروا (٣) |
وقال سعيد بن ناسب [من الطّويل] :
وما بي على من لان لي من فظاظة |
|
ولكنّني فظّ أبيّ على القسر |
هذا ما يحسن أن يعامل به الكرام ، أمّا الرّذال .. فلا يصلحهم إلّا ضرب القذال (٤)
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي (٢ / ٢٣٨).
(٢) البيت من الطّويل ، وهو من الأمثال السّائرة للمتنبّي. «العكبري» (١ / ٢٨٨).
(٣) شومسوا : تشوغب عليهم. وأصل الشماس عدم استقرار الدابة وانقيادها لشغبها ، واستعاره هنا للآدميين. والله أعلم.
(٤) القذال : جماع مؤخّر الرأس.