ولكنّ حكم السّيف فينا مسلّط |
|
فنرضى إذا ما أصبح السّيف راضيا (١) |
ولا أذكر قائلها الآن ، ولكنّني أعرف أنّ موسى بن المهديّ تمثّل بها لمّا جيء برأس الحسين بن عليّ بن الحسن المثنّى ، وجعل يوبّخ من أسر من أصحابه ويقتلهم.
والحسين هذا هو الفخي نسبة إلى محلّ واقعته ، وهو بمكّة أو قريب منها ، أو هو وادي الزّاهر .. فكلّ ذلك قيل ، وهي أقوال متقاربة.
ولطالما حدّثني الواردون عن شهامة أولئك ، غير أنّ قياس المشاهدة على ما نعرف من قبائل بلادنا .. يجعل السّعي مهلا ، والصّعب سهلا ، والعسر إلى المياسرة.
وبعد أن فرغت من هذا الكتاب بشهور أخبرني غير واحد بأنّ أحد رؤساء آل ماضي ـ وكان يحطب في حبل الحكومة ـ ابتزّ امرأة رجل غائب بالهند ، ولمّا حضر .. امتلأ غيظا ـ وفيما دون هذا يحمى أنف الكريم ـ فلم يبخل بالمال في سبيل غسل العار ، فقتل ذلك الباغي في بلاده ، واتّهم بقتله اثنان من آل باصليب ، فجهّزت عليهم الحكومة نحو سبع مئة جنديّ بدبّاباتهم فما دونها من الآلات والأسلحة والعتاد ، فصبر لهم رئيس آل باصليب ، وكان شهما ، وأبلى فيهم أحسن البلاء ، ثمّ قتل ، وأشبل عليه أخوه وابنه فأصيبا (٢) ، ولكنّهما احتملاه ، رحمة الله عليه ، لقد مات شهيدا وأبقى ذكرا مجيدا :
فتى مات بين الطّعن والضّرب ميتة |
|
تقوم مقام النّصر إن فاته النّصر (٣) |
وقد كان فوت الموت سهلا فردّه |
|
إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر (٤) |
ونفس تعاف العار حتّى كأنّما |
|
هو الكفر يوم الرّوع أو دونه الكفر |
وكان كلّ ذلك ـ حسبما يقال ـ بخيانة من بعض آل باصليب أنفسهم ، ثمّ لم يكن من الحكومة إلّا إهانتهم ، وأخذ أسلحتهم.
__________________
(١) رضا السيف ؛ كناية عن كونه يعمل حتى يكلّ.
(٢) أشبل عليه : عطف.
(٣) الأبيات من الطّويل ، وهي لأبي تمام في «ديوانه» (٢ / ٣٠٣).
(٤) الحفاظ المر : الدفاع الشديد. الخلق الوعر : النزق والشدة عند المنازعة.